للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نكرة موصوفة ونصب خير خبرها مقدّمًا. وفي اليونينية في نسخة غنمًا نصب خبرها خير رفع اسمها ويجوز رفعها على الابتداء والخبر ويقدّر في يكون ضمير الشأن (يتبع بها شعف الجبال) رؤوسها (ومواقع القطر)، بطون الأدوية والصحارى أي يتبع بها مواقع العشب والكلأ في شعاف الجبال حال كونه (يفر بدينه من الفتن). طلبًا لسلامته لا لقصد دنيوي والباء للمصاحبة أو للسببية.

وهذا الحديث سبق في باب من الدين الفرار من الفتن.

٣٣٠١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «رَأْسُ الْكُفْرِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي أَهْلِ الْخَيْلِ وَالإِبِلِ، وَالْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ، وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ». [الحديث ٣٣٠١ - أطرافه في: ٣٤٩٩، ٤٣٨٨، ٤٣٨٩، ٤٣٩٠].

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(رأس الكفر نحو المشرق)، بنصب نحو لأنه ظرف وهو مستقر في محل رفع خبر المبتدأ، ولأبي ذر عن الكشميهني: قبل المشرق أي أكثر الكفرة من جهة المشرق وأعظم أسباب الكفر منشؤه منه ومنه يخرج الدجال. قال في الفتح: وفي ذلك إشارة إلى شدة كفر المجوس لأن مملكة الفرس ومن أطاعهم من العرب كانت من جهة المشرق بالنسبة إلى المدينة وكانوا في غاية القوّة والتكبر والتجبر حتى مزق ملكهم كتاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إليه واستمرت الفتن من قبل المشرق (والفخر) بالخاء المعجمة كإعجاب النفس (والخيلاء) بضم الخاء المعجمة وفتح التحتية ممدودًا الكبر واحتقار الغير (في أهل الخيل والإبل والفدّادين) بفتح الفاء والدال المشددة المهملة وحكي تخفيفها وبعد الألف أخرى مخففة مكسورة. قال في القاموس. الفداد مالك المئين من الإبل إلى الألف والمتكبر والجمع الفدادون وهم أيضًا الجمالون والرعيان والبقارون والحمارون والفلاحون وأصحاب الوبر والذين تعلو أصواتهم في حروثهم ومواشيهم والمكثرون من الإبل، وقال الخطابي: إن رؤيته

بتشديد الدال فهو جمع فداد وهو الشديد الصوت وذلك من دأب أصحاب الإبل وإن رويته بتخفيفها فهو جمع الفدان وهو آلة الحرث البقر، وعلى هذا فالمراد أصحاب الفدادين فهو على حذف مضاف وإنما ذم ذلك لأنه يشغل عن أمر الدين ويلهي عن الآخرة وذلك يفضي إلى قساوة القلب، وقال القرطبي: ليس في رواية الحديث إلا التشديد وهو الصحيح على ما قاله الأصمعي وغيره. وقال ابن فارس: في الحديث الجفاء والقسوة في الفدادين أي أصحاب الحروث والمواشي.

(أهل الوبر)، بفتح الواو والموحدة بيان للفدادين أي ليسوا من أهل الحضر. بل من أهل البدو. قال في القاموس: المدر محركة المدن والحضر. (والسكينة) بفتح السين وتخفيف الكاف، وفي الفاموس بكسرها مشددة الطمأنينة. وقال ابن خالويه: السكينة مصدر سكن سكينة وليس في المصادر له شبيه إلا قولهم: عليه ضريبة أي خراج معلوم (في أهل الغنم) لأنهم في الغالب دون أهل الإبل في التوسع والكثرة وهما من سبب الفخر والخيلاء. وفي حديث أم هانئ المروي في ابن ماجه أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لها "اتخذي الغنم فإن فيها بركة".

٣٣٠٢ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسٌ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: "أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ نَحْوَ الْيَمَنِ فَقَالَ: الإِيمَانُ يَمَانٍ هَا هُنَا، أَلَا إِنَّ الْقَسْوَةَ وَغِلَظَ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ". [الحديث ٣٣٠٢ - أطرافه في: ٣٤٩٨، ٤٣٨٧، ٥٣٠٣].

وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى) هو القطان (عن إسماعيل) بن أبي خالد الأحمسي مولاهم البجلي (قال: حدّثني) بالإفراد (قيس) هو ابن أبي حازم البجلي (عن عقبة بن عمرو أبي مسعود) الأنصاري البدري أنه (قال: أشار رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيده نحو اليمن فقال):

(الإيمان يمان) مبتدأ وخبر وأصله يمني بياء النسبة فحذفوا الياء للتخفيف وعوضوا الألف بدلها أي الإيمان منسوب إلى أهل اليمن، وحمله ابن الصلاح على ظاهره وحقيقته لإذعانهم إلى الإيمان من غير كبير مشقة على المسلمين بخلاف غيرهم ومن اتصف بشيء وقوي إيمانه به نسب ذلك الشيء إليه إشعارًا بكمال حاله فيه، فكذا حال أهل اليمن حينئذٍ، وحال الوافدين منهم في حياته وفي أعقابه كأويس القرني وأبي مسلم الخولاني وشبههما ممن سلم قلبه وقوي إيمانه فكانت نسبة الإيمان إليهم بذلك إشعارًا بكمال إيمانهم من غير أن يكون في ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>