للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ويقال جد نوح عليهما السلام) مجازًا لأن جد الأب جد، وقوله: وهو جد وقوله: وهو جد الخ ... ثابت لابن عساكر. وكان إدريس عليه السلام أول نبي أعطي النبوة بعد آدم وشيث عليهما السلام، وأول من خط بالقلم وأدرك من حياة آدم ثلاثمائة سنة وثمان سنين.

وقال ابن كثير: وقد قالت طائفة أنه المشار إليه في حديث معاوية بن الحكم السلمي لما سأل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الخط بالرمل فقال: "إنه كان نبي يخط بالرمل فمن وافق خطه فذاك". وزعم كثير من المفسرين أنه أول من تكلم في ذلك ويسمونه هرمس الهرامسة ويكذبون عليه في أشياء كثيرة كما كذبوا على غيره من الأنبياء.

(وقول الله) عز وجل بالجر عطفًا على سابقه المجرور بالإضافة: ({ورفعناه مكانًا عليًّا}) [مريم: ٥٧] السماء السادسة أو الرابعة أو الجنة أو شرف النبوّة والزلفى وعن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه رفع إلى السماء ولم يمت كما رفع عيسى. قال في البداية والنهاية: إن أراد أنه لم يمت إلى الآن ففيه نظر وإن أراد أنه رفع حيًّا إلى السماء ثم قبض، فلا ينافي ما ذكره كعب أنه قبض في السماء الرابعة. وعن ابن عباس أنه قبض في السادسة وصحح ابن كثير أنه قبض في الرابعة.

٣٣٤٢ - قَالَ عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ. ح.

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ أَنَسٌ بْن مَالِكٍ: «كَانَ أَبُو ذَرٍّ -رضي الله عنه- يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، فَلَمَّا جَاءَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ: افْتَحْ. قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا جِبْرِيلُ، قَالَ: مَعَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: مَعِيَ مُحَمَّدٌ، قَالَ: أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَافْتَحْ. فَلَمَّا عَلَوْنَا السَّمَاءَ إِذَا رَجُلٌ عَنْ يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ وَعَنْ يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، فَقَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالاِبْنِ الصَّالِحِ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا آدَمُ، وَهَذِهِ الأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ، فَأَهْلُ الْيَمِينِ مِنْهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَالأَسْوِدَةُ الَّتِي عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ. فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى. ثُمَّ عَرَجَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ لِخَازِنِهَا: افْتَحْ، فَقَالَ لَهُ خَازِنُهَا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُ، فَفَتَحَ. قَالَ أَنَسٌ: فَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ فِي السَّمَوَاتِ إِدْرِيسَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَإِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ يُثْبِتْ لِي كَيْفَ مَنَازِلُهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ آدَمَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّادِسَةِ. وَقَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ بِإِدْرِيسَ قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ، فَقُلْتُ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ. ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ. وَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مُوسَى. ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: عِيسَى. ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالاِبْنِ الصَّالِحِ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِبْرَاهِيمُ -قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا حَبَّةَ الأَنْصَارِيَّ كَانَا يَقُولَانِ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ثُمَّ عُرِجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ

لِمُسْتَوًى أَسْمَعُ صَرِيفَ الأَقْلَامِ. قَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ -رضي الله عنهما-: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ خَمْسِينَ صَلَاةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى أَمُرَّ بِمُوسَى فَقَالَ مُوسَى: مَا الَّذِي فُرِضَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ صَلَاةً، قَالَ: فَرَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَجَعْتُ، فَرَاجَعْتُ رَبِّي فَوَضَعَ شَطْرَهَا. فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَجَعْتُ فَرَاجَعْتُ رَبِّي فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ وَهْيَ خَمْسُونَ، لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَىَّ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَقُلْتُ: قَدِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي. ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى أَتَى السِّدْرَةَ الْمُنْتَهَى، فَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لَا أَدْرِي مَا هِيَ. ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ».

(قال عبدان): هو لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزي، وهذا التعليق وصله الجوزقي من طريق محمد بن الليث عن عبدان ولأبي ذر: وحدّثنا عبدان، ولابن عساكر: حدّثنا بغير واو قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: (أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (ح) لتحويل الإسناد.

(حدّثنا) ولابن عساكر عن الزهري قال أنس بن مالك: وحدّثنا ولأبي ذر وأخبرنا (أحمد بن صالح) أبو جعفر المصري قال: (حدّثنا عنبسة) بفتح العين المهملة وسكون النون وبعد الموحدة المفتوحة سين مهملة ابن خالد قال: (حدّثنا يونس) بن يزيد وهو عم عنبسة (عن ابن شهاب) الزهري أنه (قال): قال أنس ولأبي ذر وابن عساكر (قال أنس بن مالك: كان أبو ذر) جندب بن جنادة (-رضي الله عنه- يحدث أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(فرج) بضم الفاء مبنيًا للمفعول أي فتح (سقف بيتي) ولأبي ذر: عن سقف بيتي (وأنا بمكة) جملة حالية (فنزل جبريل) عليه السلام من الموضع الذي فتحه من السقف مبالغة في المفاجأة (ففرج) بفتحات أي شق (صدري) في رواية للمصنف إلى مراق البطن (ثم غسله بماء زمزم) لأنه أفضل المياه أو يقوّي القلب (ثم جاء بطست) بسين مهملة مؤنثة (من ذهب) وكان ذلك قبل تحريم الذهب (ممتلئ) صفة لطست وذكر على معنى الإناه (حكمة وإيمانًا) بنصبهما على التمييز تمثيل لينكشف بالمحسوس ما هو معقول وتمثيل المعاني جائز كما أن سورة البقرة تجيء يوم القيامة كأنها ظلة ولابن عساكر الحكمة والإيمان (فافرغها) أي الطست والمراد ما فيها (في صدري ثم أطبقه) وختم عليه حتى لا يجد العدو إليه سبيلاً (ثم أخد بيدي) جبريل (فعرج بي إلى السماء فلما جاء إلى السماء الدنيا قال جبريل لخازن السماء) الدنيا: (افتح) بابها (قال) الخازن: (من هذا)؟ الذي قال افتح (قال: هذا جبريل) ولم يقل أنا لأن قائلها يقع في العناء وسقط لفظ هذا لأبي ذر (قال: معك) ولابن عساكر قال: ما معك (أحد؟ قال): نعم (معي محمد) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (قال: أرسل إليه) ليعرج به (قال: نعم) أرسل إليه (فافتح فلما علونا السماء) زاد أبو ذر الدنيا وهي صفة للسماء والظاهر

أنه كان معهما غيرهما من الملائكة (إذا رجل عن يمينه أسودة) أشخاص (وعن يساره أسودة) أشخاص أيضًا (فإذا نظر قبل) أي جهة (يمينه ضحك) سرورًا (وإذا نظر قبل شماله بكى) حزنًا (فقال: مرحبًا بالنبي الصالح والابن الصالح) أي أصبت رحبًا لا ضيقًا أيها النبي التام في نبوته والابن البارّ في بنوّته (قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا آدم وهذه الأسودة) التي (عن يمينه وعن شماله نسم بنيه) بفتح النون والسين المهملة أي أرواحهم (فأهل اليمين منهم أهل الجنة) والجنة فوق السماء السابعة في جهة يمينه (والأسودة التي عن شماله أهل النار). والنار في سجين الأرض

<<  <  ج: ص:  >  >>