﷿:(﴿وأما عاد﴾) عطف على قوله تعالى: ﴿فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية) وأما عاد (﴿فأهلكوا بريح صرصر﴾ شديدة) أي شديدة الصوت في الهبوب لها صرصرة وقيل باردة (﴿عاتية﴾ قال ابن عيينة) في تفسيره (عتت على الخزان) وما خرج منها إلا مقدار الخاتم وعند ابن أبي حاتم عن علي ﵁ قال لم ينزل الله شيئًا من الريح إلا بوزن على يد ملك إلا يوم عاد فإنه أذن أذن لها دون الخزان فعتت على الخزان أو المراد عتت على عاد فلم يقدروا على ردها عنهم بقوّة ولا حيلة (﴿سخرها﴾) سلطها (﴿عليهم سبع ليال وثمانية أيام﴾) قيل كان أوّلها الجمعة وقيل من صبيحة الأربعاء إلى غروب الأربعاء الآخر وقال وهب: العرب تسميها أيام العجوز لإتيانها في عجز الشتاء وهي ذات برد ورياح شديدة (﴿حسومًا﴾) أي (متتابعة) دائمة ليس لها فتور ولا انقطاع من حسمت الدابة إذا تابعت بين كيّها أو محسمات حسمت كل خير واستأصلته أو قاطعات قطعت دابرهم (﴿فترى القوم﴾) إن كنت حاضرهم (﴿فيها﴾) في تلك الأيام والليالي أو في الليالي أو في مهابها (﴿صرعى﴾) موتى جمع صريع (﴿كأنهم أعجاز نخل خاوية﴾) أي (أصولها) وخاوية أي متأكلة أجوافها شبههم بجذوع نخل خالية الأجواف ليس لها رؤوس وقيل إن الريح أخرجت ما في بطونهم وكانت تحمل الرجل فترفعه في الهواء ثم تلقيه فتشدخ رأسه فيصير جثة بلا رأس (﴿فهل ترى لهم من باقية﴾)[الحاقة: ٦ - ٧ - ٨] أي من (بقية). أو من نفس باقية قيل إنهم لما أصبحوا موتى في اليوم الثامن كما وصفهم الله تعالى حملتهم الريح فألقتهم في البحر فلم يبق منهم أحد.
وبه قال:(حدثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (محمد بن عرعرة) بن البرند بكسر الموحدة والراء وسكون النون ابن النعمان الناجي السامي بالسين المهملة القرشي البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن الحكم) بفتحتين ابن عتيبة بضم العين مصغرًا (عن مجاهد) هو ابن جبر (عن ابن عباس ﵄ عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(نصرت) يوم الأحزاب (بالصبا) بفتح الصاد المهملة والموحدة مقصورًا أرسلها الله تعالى على الأحزاب لما حاصروا المدينة فسفت التراب في وجوههم وقلعت خيامهم فانهزموا من غير قتال، وعن عكرمة: قالت الجنوب للشمال ليلة الأحزاب انطلقي ننصر رسول الله ﷺ فقالت الشمال: إن الحرّة لا تسري فكانت الريح التي أرسلت عليهم الصبا رواه ابن جرير. (وأهلكت عاد) قوم هود ﵊(بالدبور) بفتح الدال الريح التي تجيء من قبل وجهك إذا استقبلت
القبلة فهي تأتي من دبرها. وروى ابن أبي حاتم عن مجاهد عن ابن عمر ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: "ما فتح الله على عاد من الريح التي أهلكوا فيها إلا مثل موضع الخاتم فمرّت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم وأموالهم بين السماء والأرض"، فلما رأى أهل الحاضرة من عاد الريح وما فيها قالوا هذا عارض ممطرنا فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة فهلكوا جميعًا، وروي أن هودًا ﵊ لما أحس بالريح خطّ على نفسه وعلى المؤمنين خطًا إلى جنب عين تنبع وكانت الريح التي تصيبهم ريحًا طيبة هادئة والريح التي تصيب قوم عاد ترفعهم من الأرض وتطير بهم إلى السماء وتضربهم على الأرض وأثر المعجزة إنما ظهر في تلك الريح من هذا الوجه.
(قال) أي المؤلّف ولغير أبي ذر وقال (وقال ابن كثير) العبدي البصري، ووصله في تفسير
براءة فقال: حدّثنا محمد بن كثير (عن سفيان) الثوري (عن أبيه) سعيد بن مسروق الثوري الكوفي (عن أبي نعم) بضم النون وسكون العين المهملة عبد الرَّحمن البجلي الكوفي العابد (عن أبي سعيد) سعد بن مالك بن سنان الخدري الأنصاري (﵁) أنه (قال: بعث علي)﵁ أي من اليمن كما عند النسائي (إلى النبي ﷺ بذهيبة) بضم الذال مصغرًا على معنى القطعة من الذهب أو باعتبار الطائفة ورجح لأنها كانت تبرًا (فقسمها) رسول الله ﷺ(بين الأربعة)