وبه قال:(حدثني) - بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (إسحاق بن نصر) نسبه لجده واسم أبيه إبراهيم المروزي وقيل البخاري قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن الأعمش) سليمان بن مهران أنه قال: (حدّثنا أبو صالح) ذكوان الزيات (عن أبي سعيد الخدري ﵁ عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(يقول الله تعالى) زاد في سورة الحج يوم القيامة (يا آدم فيقول) ولأبي ذر عن الكشميهني قال (لبيك) أي إجابة لك بعد إجابة ولزومًا لطاعتك فهو من المصادر المثناة لفظًا ومعناها التكرير بلا حصر ومثله (وسعديك) أي أسعدني إسعادًا بعد إسعاد (والخير في يديك فيقول) الله تعالى له (أخرج) بفتح الهمزة وكسر الراء من الناس (بعث النار) أي مبعوثها وهم أهلها (قال) يا رب (وما بعث النار)؟ أي وما مقدار مبعوث النار (قال) تعالى (من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين) نصب قال العيني: على التمييز ويجوز الرفع خبر مبتدأ محذوف (فعنده) أي عند قوله تعالى آدم أخرج بعث النار (يشيب الصغير) من شدة الهول لو تصور وجوده لأن الهم يضعف القوي ويسرع بالشيب، أو هو محمول على الحقيقة لأن كل أحد يبعث على ما مات عليه فيبعث الطفل طفلاً فإذا وقع ذلك يشيب الطفل من شدة الهول (وتضع كل ذات حمل حملها) لو فرض وجودها أو أن من ماتت حاملاً بعثت حاملاً فتضع حملها من الفزع (وترى الناس سكارى) من الخوف (وما هم بسكارى) من الشراب، أو المعنى كأنهم سكارى من شدة الأمر الذي أدهش عقولهم وما هم بسكارى على الحقيقة كذا قرره، قال في فتوح الغيب: وهو يؤذن بأن قوله تعالى: ﴿وما هم بسكارى﴾ [الحج: ٢]. بيان لإرادة معنى السكر من قوله ﴿وترى الناس سكارى﴾ فإنه إما أن يراد به التشبيه كما يقال وترى الناس كالسكارى، وشبهوا بالسكارى بسبب ما غشيهم من الخوف فبقوا مسلوبي العقول كالسكران، أو أن يراد الاستعارة كأنه قيل ترى الناس خائفين فوضع موضعه سكارى، ولذا بيّن بقوله من الخوف وصرح وما هم بسكارى من الشراب. ومن علامات المجاز صحة سلبه كما إذا قلت للبليد حمار يصح نفيه وكذا هنا نفي السكر الحقيقي بقوله: وما هم بسكارى مؤكدًا بالباء لأن هذا السكر أمر لم يعهد مثله.
(ولكن عذاب الله شديد) تعليل لإثبات السكر المجازي لما نفى عنهم السكر الحقيقي وهل هذا الخوف لكل أحد أو لأهل النار خاصة. قال قوم: الفزع أكبر وغيره يختص بأهل النار أما أهل الجنة فيحشرون آمنين قال تعالى: ﴿لا يحزنهم الفزع الأكبر﴾ [الأنبياء: ١٠٣]. وقال آخرون: الخوف عام والله يفعل ما يشاء. (قالوا): أي من حضر من الصحابة (يا رسول الله وأينا ذلك الواحد)؟ ولأبي الوقت ذاك بألف بدل اللام (قال)ﷺ: (أبشروا) بقطع الهمزة وكسر المعجمة (فإن منكم رجل) بالرفع مبتدأ مؤخر وفي أن يقدر ضمير الشأن محذوفًا أي فإنه منكم رجل، ولأبي ذر: رجلاً بالنصب وهو ظاهر (ومن يأجوج ومأجوج ألف) بالرفع ولأبي ذر ألفًا بالنصب كما مرّ في رجل ورجلاً. وفي سورة الحج من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعين ومنكم واحد الحديث. والحكم للزائد.
(ثم قال)﵊: (و) الله (الذي نفسي بيده إني أرجو أن تكونوا) أي أمته المؤمنون به (ربع أهل الجنة فكبرنا) سرورًا بهذه البشارة العظيمة (فقال)﵊: (أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة فكبرنا) سرورًا لذلك (فقال)﵊(أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة) ولا يعارض هذا ما في الترمذي وحسنه عن بريدة مرفوعًا: أهل الجنة
عشرون ومائة صف ثمانون منها من هذه الأمة وأربعون منها من سائر الأمم لأنه ليس في حديث الباب الجزم