للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والرواية عند من وصلها بذلك، أما على تقديم حديث أبي اليمان عليها فالمتابعتان والرواية لحديثه فى التخفيف كما مرّ فافهم.

٣٣٥٧ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ الرُّعَيْنِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- إِلَاّ ثَلَاثَ كذبات».

وبه قال: (حدّثنا سعيد بن تليد) بفتح الفوقية وسكون التحتية بينهما لام مكسورة آخره دال مهملة وهو سعيد بن عيسى بن تليد (الرعيني) المصري قال: (أخبرنا) بالجمع ولأبي ذر: أخبرني (ابن وهب) عبد الله المصري (قال: أخبرني) بالإفراد (جرير بن حازم) بفتح الجيم وحازم بالحاء المهملة والزاي (عن أيوب) السختياني (عن محمد) هو ابن سيرين (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(لم يكذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلا ثلاثًا) أي إلا ثلاث كذبات كما في الطريق الثانية.

٣٣٥٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِلَاّ ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ: ثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: قَوْلُهُ: {إِنِّي سَقِيمٌ} وَقَوْلُهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} وَقَالَ: بَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ وَسَارَةُ إِذْ أَتَى عَلَى جَبَّارٍ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ هَا هُنَا رَجُلاً مَعَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: أُخْتِي. فَأَتَى سَارَةَ قَالَ: يَا سَارَةُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرُكِ، وَإِنَّ هَذَا سَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي، فَلَا تُكَذِّبِينِي. فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا بِيَدِهِ فَأُخِذَ. فَقَالَ: ادْعِي اللَّهَ لِي وَلَا أَضُرُّكِ، فَدَعَتِ اللَّهَ فَأُطْلِقَ. ثُمَّ تَنَاوَلَهَا الثَّانِيَةَ فَأُخِذَ مِثْلَهَا أَوْ أَشَدَّ، فَقَالَ: ادْعِي اللَّهَ لِي وَلَا أَضُرُّكِ، فَدَعَتْ فَأُطْلِقَ. فَدَعَا بَعْضَ حَجَبَتِهِ فَقَالَ: إِنَّكُمْ لَمْ تَأْتُونِي بِإِنْسَانٍ، إِنَّمَا أَتَيْتُمُونِي بِشَيْطَانٍ، فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ. فَأَتَتْهُ هَاجَرَ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ: مَهْيَمْ؟ قَالَتْ: رَدَّ اللَّهُ كَيْدَ الْكَافِرِ -أَوِ الْفَاجِرِ- فِي نَحْرِهِ، وَأَخْدَمَ هَاجَرَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: تِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ".

وبه قال: (حدّثنا محمد بن محبوب) ضد المبغوض البناني بضم الموحدة وتخفيف النون البصري

قال: (حدّثنا حماد بن زيد) اسم جده درهم الأزدي الجهضمي البصري (عن أيوب) السختياني (عن محمد) هو ابن سيرين (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال: لم يكذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام) لم يصرح برفعه في رواية حماد بن زيد هذه إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على المعتمد الموافق لرواية النسفيّ وكريمة كما رواه عبد الرزاق عن معمر، والأصل رفعه كما في رواية جرير بن حازم السابقة ورواية هشام بن حسان عند النسائي والبزار وابن حبان.

ورواه البخاري عن الأعرج عن أبي هريرة في البيوع وفي النكاح عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد فصرح برفعه أيضًا في رواية أبي ذر والأصيلي وابن عساكر ولفظه قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات) بسكون الذال عند ابن الحطيئة عن أبي ذر كما في اليونينية. وقال في المصابيح بفتح الذال، وفي فتح الباري عن أبي البقاء أنه الجيد لأنه جمع كذبة بسكون الذال وهو اسم لا صفة تقول كذب كذبة كما تقول ركع ركعة ولو كان صفة لسكن في الجمع، وليس هذا من الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله حاشا وكلا، وإنما أطلق عليه الكذب تجوزًا وهو من باب المعاريض المحتملة للأمرين لمقصد شرعي ديني كما جاء في الحديث المروي عند البخاري في الأدب المفرد من طريق قتادة عن مطرف بن عبد الله عن عمران بن الحصين أن في معاريض الكلام مندوحة عن الكذب، ورواه أيضًا البيهقي في الشعب والطبراني في الكبير ورجاله ثقات، وهو عند ابن السني من طريق الفضل بن سهل مرفوعًا. قال البيهقي رحمه الله: والموقوف هو الصحيح، وروي أيضًا من حديث علي مرفوعًا وسنده ضعيف جدًّا، وعند ابن أبي حاتم عن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: في كلمات إبراهيم الثلاث التي قال ما منها كلمة إلا ما حل بها عن دين الله أي جادل ودافع، وفي حديث ابن عباس عند أحمد: والله إن جادل بهن إلا عن دين الله، وقال ابن عقيل: دلالة العقل تصرف ظاهر إطلاق الكذب عن إبراهيم، وذلك أن العقل قطع بأن الرسول ينبغي أن يكون موثوقًا به ليعلم صدق ما جاء به عن الله ولا ثقة مع تجويز الكذب عليه، فكيف مع وجود الكذب منه، وإنما أطلق عليه ذلك لكونه بصورة الكذب عند السامع وعلى كل تقدير فلم يصدر من إبراهيم عليه الصلاة والسلام إطلاق الكذب على ذلك أي حيث يقول في حديث الشفاعة: وإني كنت كذبت ثلاث كذبات إلا في حال شدّة الخوف لعلو مقامه وإلاّ فالكذب في مثل تلك المقامات يجوز، وقد يجب لتحمل أخف الضررين دفعًا لأعظمهما، وقد اتفق الفقهاء فيما لو طلب ظالم وديعة عند إنسان ليأخذها غصبًا وجب على المودع عنده أن يكذب بمثل أنه لا يعلم موضعها بل يحلف على ذلك، ولما كان ما صدر من الخليل عليه السلام مفهوم ظاهره خلاف باطنه أشفق أن يؤاخذ به لعلو حاله فإن الذي كان يليق بمرتبته في النبوة والخلة أن يصدع بالحق ويصرح بالأمر كيفما كان ولكنه رخص له فقبل الرخصة، ولذا يقول عندما يسأل في الشفاعة: إنما كنت خليلاً من وراء وراء ويستفاد منه أن الخلة لم

<<  <  ج: ص:  >  >>