للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولم يعد عليه قوله في الكوكب هذا ربي كذبة وهي داخلة فيه، لأنه والله أعلم كان حين قوله ذلك في حال الطفولية وليست حالة تكليف انتهى.

وهذا الذي قاله القرطبي نقله عنه في فتح الباري وأقره وقد اتفق أكثر المحققين على فساده محتجين بأنه لا يجوز أن يكون له رسول يأتي عليه وقت من الأوقات إلا وهو موحد عابد وبه عارف ومن كل معبود سواه بريء، وكيف يتوهم هذا على من عصمه وطهره وآتاه رشده من قبل وأراه ملكوت السماوات والأرض، أفتراه أراه الملكوت ليوقن فلما أيقن رأى كوكبًا قال هذا ربي معتقدًا، فهذا لا يكون أبدًا. وأيضًا فالقول بربوبية الجماد أيضًا كفر بالإجماع وهو لا يجوز على الأنبياء بالإجماع، أو قاله بعد بلوغه على سبيل الوضع فإن المستدل على فساد قول يحكيه على ما يقول الخصم ثم يكر عليه بالإفساد كما يقول الواحد منا إذا ناظر من يقول بقدم الجسم فيقول الجسم قديم فإن كان كذلك فلم نشاهده مركبًا متغيرًا، فقوله الجسم قديم إعادة لكلام الخصم حتى يلزم المحال عليه، فكذا هنا قال (هذا ربي) حكاية لقول الخصم ثم ذكر عقبه ما يدل على فساده وهو قوله: (لا أحب الآفلين) ويؤيد هذا أنه تعالى مدحه في آخر هذه الآية على هذه المناظرة بقوله: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} [الأنعام: ٨٣] ولذا لم تعد هذه مع تلك الثلاث المذكورة.

(قال أبو هريرة) -رضي الله عنه- بالسند السابق يخاطب العرب (تلك) يعني هاجر (أمكم يا بني ماء السماء) لكثرة ملازمتهم الفلوات التي بها مواقع المطر لرعي دوابهم، وقال الخطابي وقيل إنما أراد زمزم أنبعها الله لهاجر فعاشوا بها فصاروا كأنهم أولادها. وذكر ابن حبان في صحيحه إن كل مَن كان من ولد هاجر يقال له ولد ماء السماء لأن إسماعيل ولد هاجر وقد ربي بماء زمزم وهي ماء السماء الذي أكرم الله به إسماعيل حين ولدته هاجر، فأولادها أولاد ماء السماء،

وقيل ماء السماء هو عامر جد الأوس والخزرج سمي بذلك لأنه كان إذا قحط الناس أقام لهم ماله مقام مطر.

وهذا الحديث قد سبق في البيع، وأخرجه في النكاح أيضًا ومسلم في الفضائل.

٣٣٥٩ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى -أَوِ ابْنُ سَلَامٍ عَنْهُ- أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُمِّ شَرِيكٍ - رضي الله عنها-: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَقَالَ: كَانَ يَنْفُخُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ».

وبه قال: (حدّثنا عبيد الله بن موسى) بضم العين مصغرًا ابن باذام العبسي الكوفي (أو) حدّثنا (ابن سلام) محمد (عنه) أي عن عبيد الله بن موسى وكلاهما من مشايخه، والظاهر أن المؤلّف شك في سماعه للحديث الآتي من عبيد الله بن موسى ثم تحقق أنه سمعه من ابن سلام عن عبيد الله فساقه هكذا قال عبيد الله (أخبرنا ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (عن عبد الحميد بن جبير) بضم الجيم وفتح الموحدة مصغرًا ابن شيبة بن عثمان الحجبي (عن سعيد بن المسيب عن أم شريك) غزية أو غزيلة العامرية ويقال الأنصارية (-رضي الله عنها- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر بقتل الوزغ) بفتح الواو والزاي (وقال) ولأبي ذر قال:

(كان ينفخ) النار (على إبراهيم عليه السلام) حين ألقي فيها وكل دابة في الأرض كانت تطفئها عنه. وفي حديث عائشة: لما أحرق بيت المقدس كانت الأوزاغ تنفخه ذكره الكمال الدميري، وفي الطبراني عن ابن عباس مرفوعًا "اقتلوا الوزغ ولو في جوف الكعبة" وفي إسناده عمر بن قيس المكي وهو ضعيف وسقط قوله عليه السلام لأبي ذر.

٣٣٦٠ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتِ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟ قَالَ: لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ، {لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}: بِشِرْكٍ. أَوَ لَمْ تَسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لاِبْنِهِ: {يَا بُنَىَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}».

وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص بن غياث) النخعي الكوفي قال: (حدّثنا أبي) حفص قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران (قال: حدثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا (إبراهيم) النخعي (عن علقمة) بن الأسود (عن عبد الله) يعني ابن مسعود (-رضي الله عنه-) أنه (قال: لما نزلت {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}) [الأنعام: ٨٢] معطوف على الصلة فلا محل لها أو الواو للحال، والجملة بعدها في محل نصب على الحال أي آمنوا غير ملبسين إيمانهم بظلم وهو كقوله تعالى: {أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر} [مريم: ٢٠] (قلنا: يا رسول الله أينا لا يظلم

نفسه)؟ حملوه على العموم لأن قوله بظلم نكرة في سياق النفي فبين لهم الشارع -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن الظاهر غير

<<  <  ج: ص:  >  >>