يطلب لنا الرزق (ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت) له (نحن بشرّ نحن في ضيق وشدة فشكت إليه قال) إبراهيم ﵇ لها: (إذا جاء زوجك) إسماعيل (فاقرئي) بفتح الراء ﵇ ولأبي ذر اقرئي بحذف الفاء (وقولي له: يغير بابه) بفتح الغين المهملة والفوقية والموحدة كناية عن المرأة. (فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئًا) بفتح الهمزة الممدودة والنون وفي رواية فلما جاء إسماعيل وجد ريح أبيه (فقال: هل جاءكم من أحد؟ قالت: نعم جاءنا شيخ كذا وكذا) وفي رواية عطاء بن السائب عند عمر بن شبة كالمستخفة بشأنه (فسألنا عنك) بفتح اللام (فأخبرته) أنك خرجت تبتغي لنا
(وسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا في جهد) بفتح الجيم (وشدة قال) إسماعيل: (فهل أوصاك بشيء؟ قالت: نعم. أمرني أن أقرأ عليك السلام ويقول لك غير عتبة بابك. قال: ذاك) بكسر الكاف (أبي) إبراهيم (وقد أمرني أن أفارقك الحقي بأهلك) بفتح الحاء المهملة (فطلقها وتزوج منهم) أي من جرهم (أخرى) اسمها أسامة بنت مهلهل فيما قاله المسعودي تبعًا للواقدي أو بشامة بموحدة فمعجمة مخففة بنت مهلهل بن سعد بن عوف أو عاتكة وعن ابن إسحاق فيما حكاه ابن سعد رعلة بنت مضاض بن عمرو الجرهمية وقيل غير ذلك (فلبث) بكسر الموحدة (عنهم إبراهيم ما شاء الله ثم أتاهم بعد فلم يجده) أي لم يجد إسماعيل (فدخل على امرأته فسألها عنه فقالت: خرج يبتغي لنا) الرزق (قال: كيف أنتم وسألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت: نحن بخير وسعة) بفتح المهملة (وأثنت على الله)﷿ خيرًا بما هو أهله (فقال) لها: (ما طعامكم؟ قالت: اللحم. قال فما شرابكم؟ قالت: الماء) وزاد في حديث أبي الجهم اللبن (قال) إبراهيم: (اللهم بارك لهم في اللحم والماء قال النبي ﷺ: ولم يكن لهم يومئذٍ حب) حنطة أو نحوها (ولو كان لهم دعا لهم فيه قال: فهما) أي اللحم والماء (لا يخلو عليهما) بالخاء المعجمة وللكشميهني كما في الفتح لا يخلوان بالتثنية وقال ابن القطوية: خلوت بالشيء واختليت به إذا لم أخلط به غيره، ويقال خلى الرجل اللبن إذا شرب غيره. وقال الكرماني أي لا يعتمدهما (أحد) ويداوم عليهما (بغير مكة إلا لم يوافقاه) لما ينشأ عنهما من انحراف المزاج إلا في مكة فإنهما يوافقانه وهذا من جملة بركاتها وأثر دعاء الخليل ﵇.
وفي حديث أبي جهم: ليس أحد يخلو على اللحم والماء بغير مكة إلا اشتكى بطنه، وزاد في حديثه فقالت له: انزل رحمك الله فاطعم واشرب. قال: إني لا أستطيع النزول. قالت: فإني أراك شعثًا أفلا أغسل رأسك وأدهنه؟ قال: بلى إن شئت فجاءته بالمقام وهو يومئذٍ أبيض مثل المهاة وكان في بيت إسماعيل ملقى فوضع قدمه اليمنى وقدم إليها شق رأسه وهو على دابته فغسلت شق رأسه الأيمن، فلما فرغ حوّلت له المقام حتى وضع قدمه اليسرى وقدم إليها برأسه فغسلت شق رأسه الأيسر، فالأثر الذي في المقام من ذلك ظاهر فيه موضع العقب والإصبع.
(قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ومريه يثبت عتبة بابه) ثم مضى إبراهيم (فلما جاء إسماعيل قال: هل أتاكم من أحد؟ قالت: نعم أتانا شيخ حسن الهيئة وأثنت عليه) خيرًا (فسألني عنك فأخبرته فسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا بخير) وسعة (قال: فأوصاك بشيء؟ قالت: نعم. هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك) زاد أبو جهم في حديثه فإنها صلاح المنزل (قال) إسماعيل لها (ذاك أبي) بكسر الكاف (وأنت العتبة أمرني أن أمسكك) زاد أبو جهم ولقد كنت عليّ كريمة ولقد ازددت عليّ كرامة فولدت لإسماعيل عشرة ذكور (ثم لبث عنهم) إبراهيم (ما شاء الله ثم جاء) إليهم (بعد ذلك وإسماعيل يبري) بفتح التحتية وسكون الموحدة وكسر الراء من غير همز (نبلاً له) بفتح النون وسكون الموحدة أي سهمًا قبل أن يركب فيه نصله وريشه وهو السهم العربي (تحت دوحة) بفتح الدال والحاء المهملتين بينهما واو ساكنة شجرة وهي
التي نزل إسماعيل وأمه تحتها أوّل ما قدما مكة كما مرّ (قريبًا من زمزم