للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منبئ عن إحماده صبر يوسف وتركه الاستعجال بالخروج عن السجن مع امتداد مدة الحبس عليه.

وروى ابن حبان عن أبي هريرة مرفوعًا: "رحم الله يوسف لولا الكلمة التي قالها: ﴿اذكرني عند ربك ما لبث في السجن﴾ [يوسف: ٤٣] ".

٣٣٨٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: "سَأَلْتُ أُمَّ رُومَانَ وَهْيَ أُمُّ عَائِشَةَ لمَّا قِيلَ فِيهَا مَا قِيلَ قَالَتْ: بَيْنَمَا أَنَا مَعَ عَائِشَةَ جَالِسَتَانِ، إِذْ وَلَجَتْ عَلَيْنَا امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَهْيَ تَقُولُ: فَعَلَ اللَّهُ بِفُلَانٍ وَفَعَلَ. قَالَتْ: فَقُلْتُ: لِمَ؟ قَالَتْ:

إِنَّهُ نَمَا ذِكْرَ الْحَدِيثِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَيُّ حَدِيثٍ؟ فَأَخْبَرَتْهَا. قَالَتْ: فَسَمِعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. فَخَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا، فَمَا أَفَاقَتْ إِلاَّ وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ. فَجَاءَ النَّبِيُّ فَقَالَ: مَا لِهَذِهِ؟ قُلْتُ: حُمَّى أَخَذَتْهَا مِنْ أَجْلِ حَدِيثٍ تُحُدِّثَ بِهِ. فَقَعَدَتْ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَئِنْ حَلَفْتُ لَا تُصَدِّقُونِي، وَلَئِنِ اعْتَذَرْتُ لَا تَعْذِرُونِي، فَمَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ يَعْقُوبَ وَبَنِيهِ، ﴿وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾. فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ مَا أَنْزَلَ، فَأَخْبَرَهَا فَقَالَتْ: بِحَمْدِ اللَّهِ لَا بِحَمْدِ أَحَدٍ".

[الحديث ٣٣٨٨ - أطرافه في: ٤١٤٣، ٤٦٩١، ٤٧٥١].

وبه قال: (حدّثنا محمد بن سلام) البيكندي قال: (أخبرنا ابن فضيل) محمد وجده غزوان الكوفي قال: (حدّثنا حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين مصغرًا ابن عبد الرحمن (عن شقيق) أبي وائل هو ابن سلمة وفي الفرع وأصله عن سفيان (عن مسروق) هو ابن الأجدع أنه (قال: سألت أم رومان) بضم الراء بنت عامر (وهي أم عائشة) أم المؤمنين ، وقد قيل إن مسروقًا لم يسمع من أم رومان لتقدم وفاتها فيكون حديثه منقطعًا، وقال أبو نعيم: بقيت بعد النبي دهرًا طويلاً. وحينئذٍ فالحديث متصل وهو الراجح. وقول عليّ بن زيد بن جدعان الراوي أن وفاة أم رومان سنة ست ضعيف لا يحتج به، وقول الخطيب الصواب أن يقرأ سئلت أم رومان مبنيًّا للمفعول مردود بقول مسروق في المغازي حدّثتني أم رومان (عما) ولأبي ذر عن الكشميهني لما (قيل فيها) أي في عائشة (ما قيل) من الإفك (قالت: بينما) بالميم (أنا مع عائشة جالستان إذ ولجت) أي دخلت (علينا امرأة من الأنصار) لم تسم (وهي تقول: فعل الله بفلان) مسطح بن أثاثة (وفعل. قالت) أم رومان: (فقلت) للأنصارية (لم)؟ تقولين فعل الله بفلان وفعل (قالت إنه نمى ذكر الحديث) أي حديث الإفك ونمى بتخفيف الميم في الفرع ونسبه في المطالع لأبي ذر: وقال الحربي وغيره مشدد وأكثر المحدّثنين يخففونه يقال نميت الحديث أنمية إذا بلغته على وجه الإصلاح وطلب الخير فإذا بلغته على وجه الإفساد والنميمة قلت نميته بالتشديد. (فقالت عائشة: أيّ حديث)؟ نماه قالت أم رومان (فأخبرتها) بقول أهل الإفك (قالت: فسمعه أبو بكر ورسول الله قالت) أم رومان: (نعم). سمعاه (فخرّت) عائشة (مغشيًا عليها فما أفاقت إلا وعليها حمى بنافض)، أي ملتبسة بارتعاد (فجاء النبي فقال):

(ما لهذه)؟ يعني عائشة قالت أم رومان (قلت: حمى أخذتها من أجل حديث تحدث) بضم الفوقية والحاء المهملة مبنيًّا للمفعول (به) عنها (فقعدت) عائشة (فقالت: والله لئن حلفت) لكم إني لم أفعل ما قيل (لا تصدقوني) ولأبي ذر لا تصدقونني (ولئن اعتذرت لا تعذروني) ولأبي ذر لا تعذرونني (فمثلي ومثلكم) أي صفتي وصفتكم (كمثل يعقوب وبنيه) حيث صبر صبرًا جميلاً وقال: (والله المستعان على ما تصفون) أي على احتمال ما تصفونه، (فانصرف النبي فأنزل الله) ﷿ (ما أنزل) في براءتها (فأخبرها) النبي بذلك (فقالت: بحمد الله لا بحمد أحد) قال بعض أصحاب عبد الله بن المبارك له: أنا أستعظم هذا القول. فقال: ولت الحمد أهله ذكره فى

المصابيح، ولعلها تمسكت بظاهر قوله لها: "احمدي الله" كما في الرواية الأخرى ففهمت منه أنه أمرها بإفراد الله بالحمد.

٣٣٨٩ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: "أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ : أَرَأَيْتِ قَوْلِ اللهِ: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا﴾ أَوْ كُذِبُوا؟ قَالَتْ: بَلْ كَذَّبَهُمْ قَوْمُهُمْ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ وَمَا هُوَ بِالظَّنِّ. فَقَالَتْ: يَا عُرَيَّةُ، لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا بِذَلِكَ. قُلْتُ: فَلَعَلَّهَا "أَوْ كُذِبُوا". قَالَتْ: مَعَاذَ اللَّهِ، لَمْ تَكُنِ الرُّسُلُ تَظُنُّ ذَلِكَ بِرَبِّهَا، وَأَمَّا هَذِهِ الآيَةُ قَالَتْ: هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَصَدَّقُوهُمْ وَطَالَ عَلَيْهِمُ الْبَلَاءُ وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُمُ النَّصْرُ، حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَتْ مِمَّنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ وَظَنُّوا أَنَّ أَتْبَاعَهُمْ كَذَّبُوهُمْ جَاءَهُمْ نَصْرُ اللَّهِ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ﴿اسْتَيْأَسُوا﴾ اسْتَفْعَلُوا مِنْ يَئِسْتُ، ﴿مِنْهُ﴾ مِنْ يُوسُفَ ﴿لَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ﴾ مَعْنَاهُ مِنَ الرَّجَاءُ.

[الحديث ٣٣٨٩ - أطرافه في: ٤٥٢٥، ٤٦٩٥، ٤٦٩٦].

وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (عروة) بن الزبير (أنه سأل عائشة زوج النبي ) فقال لها (أرأيت قوله) تعالى أي أخبريني عن قوله ولأبي ذر قول الله (﴿حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا﴾) [يوسف: ١١٠] بالتشديد (أو كذبوا) بالتخفيف (قالت): عائشة ليس الظن على بابه كما فهمت (بل كذبهم قومهم)، بالتشديد فهو بمعنى اليقين وهو سائغ كما في قوله تعالى: ﴿وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه﴾ [التوبة: ١١٨] وقال عروة: (فقلت) لها: (والله لقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم) وفي نسخة الصغاني قد كذبوهم (وما هو بالظن: فقالت) عائشة رادّة عليه: (يا عرية) بضم العين وفتح الراء المهملة وتشديد المثناة التحتية تصغير عروة وأصله يا عريوة اجتمعت الياء والواو وسبق الأول

<<  <  ج: ص:  >  >>