فإنه لم يعرف الحال فظن أنه كذبهم فغضب من ذلك وذهب فركب مع قوم في سفينة فوقفت فقال لهم يونس: إن معكم عبدًا ابق من ربه وإنها لا تسير حتى تلقوه فاقترعوا فخرجت القرعة عليه فقال: أنا الآبق وزج بنفسه في الماء فأرسل الله ﷿ من
البحر الأخضر حوتًا فشق البحار حتى جاء فالتقمه وأوحى الله تعالى إلى ذلك الحوت لا تأكل له لحمًا ولا تهشم له عظمًا فإنه ليس رزقًا وإنما بطنك له سجن فنادى في الظلمات ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل ﴿أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين﴾ [الأنبياء: ٨٧]. وقال عوف الأعرابيّ: لما صار يونس في بطن الحوت ظن أنه قد مات فحرك رجليه فتحركتا فسجد مكانه فلما انتهى به إلى أسفل البحر سمع يونس حسًّا فقال: ما هذا؟ فأوحى الله إليه هذا تسبيح دواب البحر فسبح فسمعت الملائكة تسبيحه فقالوا: يا ربنا إنّا سمع صوتًا ضعيفًا بأرض غريبة. قال: ذاك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت فشفعوا فيه فأمر الله الحوت فقذفه في الساحل وهو كهيئة الفرخ الممعوط الذي ليس عليه ريش. قال أبو هريرة: وهيأ الله له أروية وحشية تأكل من خشاش الأرض فتتفشخ عليه فترويه من لبنها بكرة وعشية، وأنبت الله عليه شجرة من يقطين مظلة عليه قيل إنها يبست وبكى عليها فأوحى الله تعالى إليه أتبكي على شجرة ولا تبكي على مائة ألف أو يزيدون أردت أن تهلكهم.
٣٤١٢ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي الأَعْمَشُ ح.
وبه قال: (حدّثنا مسدد) أي ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيي) بن سعيد القطان (عن سفيان) الثوري أنه (قال: حدثني) بالإفراد (الأعمش) سليمان (ح).
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ» زَادَ مُسَدَّدٌ «يُونُسَ بْنِ مَتَّى».
[الحديث ٣٤١٢ - طرفاه في: ٤٦٠٣، ٤٨٠٤].
(حدّثنا) ولأبي ذر: وحدّثنا (أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن الأعمش عن أبي وائل) بالهمزة شقيق بن سلمة (عن عبد الله) يعني ابن مسعود (﵁ عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(لا يقولن أحدكم إني) يريد نفسه الشريفة أو غيره (خير من يونس زاد مسدد) في رواية (يونس بن متى) بفتح الميم والفوقية المشددة قيل وخص يونس بالذكر لما يخشى على من سمع قصته أن يقع في نفسه تنقيص له فبالغ في ذكر فضله لسدّ هذه الذريعة.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في التفسير وكذا النسائي.
٣٤١٣ - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ إِنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ».
وبه قال: (حدّثنا حفص بن عمر) الحوضي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن قتادة) بن دعامة (عن أبي العالية) رفيع الرياحي (عن ابن عباس ﵄ أن النبي ﷺ) أنه (قال):
(ما ينبغي لعبد أن يقول إني خير من يونس بن متى ونسبه إلى أبيه) متى وهو يرد على من قال إن متى اسم أمه وقال ذلك ﷺ-تواضعًا إن كان قاله بعد أن علم أنه سيد البشر.
٣٤١٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: «بَيْنَمَا يَهُودِيٌّ يَعْرِضُ سِلْعَتَهُ أُعْطِيَ بِهَا شَيْئًا كَرِهَهُ، فَقَالَ: لَا وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَامَ فَلَطَمَ وَجْهَهُ وَقَالَ: تَقُولُ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، وَالنَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ أَظْهُرِنَا؟ فَذَهَبَ إِلَيْهِ فَقَالَ: أَبَا الْقَاسِمِ، إِنَّ لِي ذِمَّةً وَعَهْدًا، فَمَا بَالُ فُلَانٍ لَطَمَ وَجْهِي؟ فَقَالَ: لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ؟ فَذَكَرَهُ، فَغَضِبَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَيَصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ، فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ، أَمْ بُعِثَ قَبْلِي».
٣٤١٥ - «وَلَا أَقُولُ إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى».
[الحديث ٣٤١٥ - أطرافه في: ٣٤١٦، ٤٦٠٤، ٤٦٣١، ٤٨٠٥].
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة مصغرًا (عن الليث) بن سعد الإمام (عن عبد العزيز بن أبي سلمة) بفتح اللام هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون بكسر الجيم بعدها شين معجمة مضمومة المزني نزيل بغداد (عن عبد الله بن الفضل) بفتح الفاء وسكون الضاد المعجمة ابن العباس بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب الهاشمي المدني (عن الأعرج) عبد الرَّحمن بن هرمز (عن أبي هريرة) ﵁ أنه (قال: بينما) بالميم (يهودي) لم يعرف اسمه أو هو فنحاص وضعف (يعرض سلعته) على الناس ليرغبهم في شرائها (أعطي بها شيئًا) من الثمن بخسًا (كرهه، فقال: لا) أبيعها بهذا الثمن البخس. (والذي اصطفى موسى على البشر فسمعه رجل من الأنصار).
أخرج سفيان بن عيينة في جامعه وابن أبي الدنيا في كتاب البعث من طريقه عن عمرو بن دينار وابن جدعان عن سعيد بن المسيب قال: كان بين رجل من أصحاب النبي ﷺ وبين رجل من اليهود كلام في شيء قال عمرو بن دينار هو أبو بكر الصديق فقال اليهودي: والذي اصطفى موسى على البشر وهذا يعكر على قوله في حديث الباب فسمعه رجل من الأنصار إلا إن كان المراد بالأنصار المعنى الأعم، فإن أبا بكر من أنصار النبي ﷺ قطعًا بل هو رأس من نصره ومقدمهم وسابقهم قاله في الفتح.
(فقام فلطم وجهه وقال: