عيدًا ولم يزل على ما بناه سليمان حتى غزاه يختنصر وأخذ ما كان في سقفه وحيطانه مما ذكر إلى دار مملكته من أرض العراق.
(﴿وتماثيل﴾) قيل كانوا ينحتون صور الملائكة والأنبياء والصالحين في المساجد ليرها الناس فيزدادوا عبادة وتحريم التصاوير شرع مجدد، وقيل إنهم عملوا أسدين في أسفل كرسيه ونسرين فوقه، فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان له ذراعيهما وإذا قعد أظله النسران بأجنحتهما رواه ابن أبي حاتم عن كعب في خبر طويل عجيب في صفة الكرسي. (﴿وجفان﴾) أي وصحاف (﴿كالجواب﴾) أي (﴿كالحياض للإبل﴾) قيل: كان يقعد على الجفنة الواحدة ألف رجل يأكلون
منها. (وقال ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم: (كالجوبة من الأرض) بفتح الجيم وبعد الواو الساكنة موحدة قال الجوهري: الجوبة الفرجة في السحاب وفي الجبال وانجابت السحابة انكشفت والجوبة موضع ينجاب في الحرة. (﴿وقدور راسيات﴾) ثابتات على الأثافي لا تنزل عنها لعظمها وكان يصعد إليها بالسلالم ﴿اعملوا آل داود شكرًا﴾ [سبأ: ١٣] أي اعملوا له واعبدوه شكرًا فالنصب على العلة ﴿وقليل من عبادي الشكور﴾ [سبأ: ١٣] المتوفر على أداء الشكر الباذل وسعه فيه قد شغل قلبه ولسانه وجوارحه أكثر أوقاته ومع ذلك لا يوفى حقه لأن توفيقه للشكر نعمة تستدعي شكرًا آخر، ولذا قيل: الشكور من يرى عجزه عن الشكر قاله في الأنوار. (﴿فلما قضينا عليه الموت﴾) أي على سليمان (﴿ما دلهم على موته إلا دابة الأرض﴾) هي (الأرضة) التي (﴿وتأكل منسأته﴾) أي (عصاه ﴿فلما خر﴾) إلى قوله: (﴿المهين﴾)[سبأ: ١٢ - ١٣ - ١٤] ولأبي ذر إلى ﴿في العذاب المهين﴾ وقوله: بإذن ربه إلى آخر قوله: ﴿من محاريب) ثابت لأبي ذر، وقال غيره بعد قوله: ﴿بين يديه﴾ إلى قوله: ﴿من محاريب﴾ وثبت لأبي ذر أيضًا قوله: ﴿اعملوا آل داود﴾ إلى آخر ﴿الشكور﴾ وكان سليمان لما دنا أجله وأعلم به قال: اللهم عمّ على الجن موتي حتى تعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب، وكانت الجن تخبر الإنس أنهم يعلمون من الغيب أشياء، ثم دخل محراب بيت المقدس فقام يصلّي متوكئًا على عصاه فمات قائمًا، وكان للمحراب كوى بين يديه وخلفه، فكانت الجن تعمل تلك الأعمال الشاقة وينظرون إلى سليمان فيرونه فيظنونه حيًّا فلا ينكرون خروجه للناس لطول صلاته حتى أكلت الأرضة عصاه فخر ميتًا ثم فتحوا عنه وأرادوا أن يعرفوا وقت موته فوضعوا الأرضة على العصا فأكلت يومًا وليلة مقدارًا فحسبوا ذلك المقدار فوجدوه قد مات منذ سنة، وكان عمره ثلاثًا وخمسين سنة وملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة وابتدأ عمارة بيت المقدس لأربع مضين من ذلك.
(﴿حب الخير﴾) في قوله تعالى: ﴿إني أحببت حب الخير﴾ [ص: ٣٢] أي الخيل التي شغلتني (﴿عن ذكر﴾) قال قتادة: عن صلاة العصر حتى غابت الشمس (﴿فطفق مسحًا﴾) أي فأخذ يمسح مسحًا (﴿بالسوق والأعناق﴾) أي (يمسح أعراف الخيل وعراقيبها). حبًّا لها، وقيل يمسح بالسيف سوقها وأعناقها يقطعها تقربًا إلى الله تعالى وطلبًا لرضاه حيث اشتغل بها عن طاعته وهذا أوجه.
(﴿الأصفاد﴾)[إبراهيم: ٤٩] في قوله: ﴿وآخرين مقرنين في الأصفاد﴾ أي (الوثاق) أي وآخرين من الشياطين قرن بعضهم مع بعض في الأغلال ليكفوا عن الشر.
(وقال مجاهد ﴿الصافنات﴾) في قوله: ﴿إذ عرض عليه بالعشي الصافنات﴾ هي من قولهم: (صفن الفرس) بفتح الصاد والفاء والنون والفرس رفع فاعل أي (رفع إحدى رجليه حتى يكون على طرف الحافر) وهذا وصله الفريابي، ولكن قال يديه ورجليه، وصوب القاضي عياض ما عند الفريابي، وقال في الأنوار: الصافن من الخيل الذي يقوم على طرف سنبك يد أو رجل وهو من الصفات المحمودة في الخيل ولا يكاد يكون إلا في العراب الخلص، وقال
الزجاج: هو الذي يقف على إحدى يديه ويقف على طرف سنبكه وقد يفعل ذلك بإحدى رجليه قال: وهي علامة الفراهة (﴿الجياد﴾)[ص: ٣٢ - ٣٣ - ٣٤] قال مجاهد فيما وصله الفريابي (السراع) في جريها.
(﴿جسدا﴾) في قوله: ﴿ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدًا﴾ أي