وزايه: أي الموت أو الملك لقبض روحه الشريفة زادها الله تعالى شرفًا (طفق) جعل (يطرح خميصة) كساء له أعلام (على وجهه) الشريف (فإذا اغتمّ) بالغين المعجمة، أي تسخّن بالخميصة وأخذ بنفسه من شدّة الحر (كشفها عن وجهه، فقال وهو كذلك) أي في حالة الطرح والكشف:
(لعنة الله على اليهود والنصارى) وكأنه سئل ما سبب لعنهم، فقال: (اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وكأنه قيل للراوي: ما حكمة ذكر ذلك في ذلك الوقت؟ فقال: (يحذّر) أمته أن يصنعوا بقبره المقدس مثل (ما صنعوا) أي اليهود والنصارى بقبور أنبيائهم. وهذا الحديث قد سبق في الصلاة في باب مفرد عقب باب الصلاة في البيعة. ومراد المؤلّف منه هنا ذمّ اليهود والنصارى في اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد.
٣٤٥٥ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ قَالَ: قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ﵁ خَمْسَ سِنِينَ، فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ». قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ، أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ».
وبه قال: (حدثني) بالإفراد (محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشدّدة: بندار، قال: (حدّثنا محمد بن جعفر) غندر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن فرات) بضم الفاء وبعد الراء المخففة ألف ففوقية: ابن أبي عبد الرَّحمن (القزّاز) بفتح القاف وتشديد الزاي الأولى، أنه (قال: سمعت أبا حازم) بالحاء المهملة والزاي: سلمان الأشجعي (قال: قاعدت أبا هريرة) عبّر بباب المفاعلة ليدلّ على قعوده متعلقًا بأبي هريرة وملازمته له (خمس سنين، فسمعته يحدث عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء) تتولى أمورهم كما تفعل الولاة برعاياهم حال كونهم (كلما هلك نبي خلفه) بفتح اللام المخففة: قام مقامه (نبيّ) يقيم لهم أمرهم ويزيل ما غيروا من أحكام التوراة إلى غير ذلك كإنصاف الظالم من المظلوم. (وإنه لا نبي بعدي) يجيء فيفعل ما كانوا يفعلون (وسيكون خلفاء) بعدي (فيكثرون) بالمثلثة المضمومة والتحتية المفتوحة. (قالوا: فما تأمرنا) الفاء جواب شرط محذوف، أي إذا كثر بعدك الخلفاء فوقع التشاجر والتنازع بينهم فما تأمرنا نفعل؟ (قال) ﵊: (فوا) بضم الفاء أمر من الوفاء (ببيعة الأول فالأول) الفاء للتعقيب والتكرير والاستمرار، ولم يرد به زمان واحد بل الحكم هذا عند تجدد كل زمان وبيعة؛ قاله الطيبي. وقال في الفتح: أي إذا بويع الخليفة بعد خليفة فبيعة الأول صحيحة يجب الوفاء بها وبيعة الثاني باطلة؛ قال النووي: سواء عقدوا للثاني عالمين بالأول أم لا، سواء كانوا في بلد واحد أو أكثر، سواء كانوا في بلد الإمام المنفصل أم لا. هذا هو الصواب الذي عليه الجمهور. وقيل: تكون لمن عقدت له في بلد الإمام دون غيره. وقيل: يقرع بينهما. قال: وهما قولان فاسدان. وقال القرطبي: في هذا الحديث حكم بيعة الأول وأنه يجب الوفاء بها.
وسكت عن بيعة الثاني، وقد نصّ عليه في حديث عرفجة في صحيح مسلم حين قال: "فاضربوا عنق الآخر".
(أعطوهم حقهم) من السمع والطاعة فإن في ذلك إعلاء كلمة الدين وكفّ الفتن والشرّ.
وهمزة "أعطوهم" مفتوحة، قال في شرح المشكاة: وهو كالبدل من قوله: "فوا ببيعة الأول". (فإن الله) أي أعطوهم حقهم وإن لم يعطوكم حقكم فإن الله (سائلهم) يوم القيامة (عما استرعاهم) ويثيبكم بما لكم عليهم من الحقوق. وهذا الحديث أخرجه مسلم في المغازي وابن ماجه في الجهاد.
٣٤٥٦ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كان قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ». قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ: «فَمَنْ»؟.
[الحديث ٣٤٥٦ - طرفه في: ٧٣٢٠].
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم المصري، قال: (حدّثنا أبو غسان) بفتح الغين المعجمة والسين المهملة المشددة وبعد الألف نون: محمد بن مطرف (قال: حدثني) بالإفراد (زيد بن أسلم) العدوي مولى عمر (عن عطاء بن يسار) بالتحتية والمهملة المخففة: الهلالي المدني مولى ميمونة (عن أبي سعيد) سعد بن مالك الخدري (﵁ أن النبي ﷺ قال):
(لتتبعن) بتشديد الفوقية الثانية وكسر الموحدة وضمّ العين وتشديد النون (سنن من كان قبلكم) بفتح السين: سبيلهم ومنهاجهم (شبرًا بشبر وذراعًا بذراع) بالذال المعجمة، و"شبرًا" نصب بنزع الخافض، أي لتتبعن سنن من كان قبلكم اتباعًا بشبر متلبس بشبر وذراع متلبس بذراع؛ وهو كناية عن شدة الموافقة لهم في المخالفات والمعاصي لا في الكفر، وكذا قوله: (حتى لو سلكوا