للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فأتى راهبًا) من النصارى لم يسم وفيه إشعار بأن ذلك وقع بعد رفع عيسى فإن الرهبانية إنما ابتدعها أتباعه (فسأله فقال له: هل) لي (من توبة)؟ بعد هذه الجريمة العظيمة.

وفي الحديث إشكال لأنا إن قلنا لا فقد خالفنا نصوصنًا، وإن قلنا نعم فقد خالفنا نصوص الشرع فإن حقوق بني آدم لا تسقط بالتوبة بل توبتها أداؤها إلى مستحقيها أو الاستحلال منها.

والجواب أن الله تعالى إذا رضي عنه وقبل توبته يرضي عنه خصمه، وسقط لأبوي ذر والوقت لفظة من فتوبة رفع.

(قال) له الراهب (لا) توبة لك بعد أن قتلت تسعة وتسعين إنسانًا ظلمًا (فقتله) وكمل به مائة (فجعل يسأل) أي هل لي من توبة أو عن أعلم أهل الأرض ليسأله عن ذلك (فقال له رجل): راهب لم يسم أيضًا بعد أن سأله فقال إني قتلت مائة إنسان فهل لي من توبة؟ فقال: نعم ومن يحول بينك وبين التوبة (ائت قرية كذا وكذا) اسمها نصرة كما عند الطبراني بإسنادين أحدهما جيد من حديث عبد الله بن عمرو زاد في رواية، فانطلق حتى إذا نصف الطريق (فأدركه الموت

فناء) بنون ومد وبعد الألف همزة أي مال (بصدره نحوها) نحو القرية نصرة التي توجه إليها للتوبة، وحكي فنأى بغير مدّ قبل الهمزة وبإشباعها بوزن سعى أن بعد بصدره عن الأرض التي خرج منها (فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب) زاد في رواية هشام عن قتادة عند مسلم فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبًا مقبلاً بقلبه إلى الله تعالى، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قط (فأوحى الله إلى هذه) القرية نصرة (أن تقربي) منه (وأوحى إلى هذه) القرية التي خرج منها وهي كفرة كما عند الطبراني (أن تباعدي. وقال) للملائكة: (قيسوا ما بينهما) فقيس (فوجد) بضم الواو مبنيًا للمفعول (إلى هذه) القرية نصرة (قرب) بفتح الموحدة ولأبي ذر فوجد له هذه أقرب (بشبر) وأقرب في هذه الرواية رفع على ما لا يخفى وفي رواية هشام فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، وعند الطبراني في حديث معاوية فوجدوه أقرب إلى دير التوّابين بأنملة (فغفر له). واستنبط منه أن التائب ينبغي له مفارقة الأحوال التي اعتادها في زمان المعصية والتحوّل عنها كلها والاشتغال بغيرها وغير ذلك مما يطول.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في التوبة وابن ماجه في الدّيات.

٣٤٧١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَاةَ الصُّبْحِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إِذْ رَكِبَهَا فَضَرَبَهَا، فَقَالَتْ: إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا، إِنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ، فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، بَقَرَةٌ تَكَلَّمُ؟ فَقَالَ: فَإِنِّي أُومِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وَمَا هُمَا ثَمَّ. وَبَيْنَمَا رَجُلٌ فِي غَنَمِهِ إِذْ عَدَا الذِّئْبُ فَذَهَبَ مِنْهَا بِشَاةٍ، فَطَلَبَ حَتَّى كَأَنَّهُ اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ: هَذَا اسْتَنْقَذْتَهَا مِنِّي، فَمَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لَا رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي؟ فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، ذِئْبٌ يَتَكَلَّمُ؟ قَالَ: فَإِنِّي أُومِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وَمَا هُمَا ثَمَّ».

وَحَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ بِمِثْلِهِ.

وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرَّحمن بن هرمز (عن أبي سلمة) بن عبد الرَّحمن بن عوف (عن أبي هريرة ) أنه (قال: صلى رسول الله صلاة الصبح ثم أقبل على الناس فقال):

(بينا) بغير ميم (رجل) من بني إسرائيل لم يسم (يسوق بقرة) وجواب بينا قوله (إذ ركبها فضربها فقالت إنا) أي جنس البقر (لم نخلق لهذا) الركوب (إنما خلقنا للحرث) الحصر في ذلك غير مراد اتفاقًا إذ من جملة ما خلقت له الذبح والأكل (فقال الناس) متعجبين (سبحان الله بقرة

تكلم) بحذف إحدى التاءين تخفيفًا (فقال): ولأبوي ذر والوقت قال أي النبي (فإني أومن بهذا) بنطق البقرة والفاء جواب شرط محذوف أي فإذا كان الناس يستغربونه فإني لا أستغربه وأومن به (أنا و) كذا (أبو بكر وعمر وما هما ثم) بفتح المثلثة أي ليسا حاضرين. قال الحافظ ابن حجر: وهو من كلام الراوي ولم يقع في رواية الزهري وثبت لفظ أنا في اليونينية وسقط في الفرع.

(و) قال النبي بالإسناد السابق (بينما) بالميم (رجل) لم يسم (في غنمه إذ عدا الذئب) بالعين المهملة من العدوان (فذهب منها بشاة فطلب) أي صاحب الغنم الشاة (حتى كأنه استنقذها منه، فقال له): أي لصاحب الغنم (الذئب: هذا) أي يا هذا بحذف حرف النداء واعترض بأنه ممنوع أو قليل أو المراد هذا اليوم (استنقذتها) ولأبى ذر عن الحموي والمستملي استنقذها (مني) فهو في موضع

<<  <  ج: ص:  >  >>