حم عسق (عن
طاوس) هو ابن كيسان اليماني (عن ابن عباس ﵄) أنه سئل عن قول الله تعالى:
(﴿إلا المودة في القربى﴾) [الشورى: ٢٣] (قال) طاوس (فقال سعيد بن جبير: قربى محمد ﷺ)
حمل الآية على أمر المخاطبين بأن يوادّوا أقاربه ﷺ وهو عام لجميع المكلفين (فقال:) ابن عباس
لسعيد (إن النبي ﷺ لم يكن بطن من قريش إلا وله فيه قرابة فنزلت عليه) ﷺ ولأبي ذر فيه (إلا
أن تصلوا قرابة) بالتنوين (بيني وبينكم) وهذا لم ينزل إنما نزل معناه وهو قوله: ﴿إلا المودة في القربى﴾ والاستثناء منقطع، وليست المودة من جنس الأجر أو متصل أي لا أسألكم عليه أجرًا إلا هذا وهو أن تودوا أهل قرابتي، ولم يكن هذا أجرًا في الحقيقة لأن قرابته قرابتهم فكانت صلتهم لازمة لهم في المودة قاله الزمخشري. وقال في الفتح: ودخول الحديث في هذه الترجمة واضح من جهة تفسيره المودة المطلوبة في الآية بصلة الرحم التي بينه وبين قريش، وهم الذين خوطبوا بذلك وذلك يستدعي معرفة النسب التي تحقق بها صلة الرحم.
وهذا الحديث يأتي في التفسير إن شاء الله تعالى.
٣٤٩٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «مِنْ هَا هُنَا جَاءَتِ الْفِتَنُ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَالْجَفَاءُ وَغِلَظُ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ».
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن إسماعيل) هو ابن أبي خالد الأخمسي مولاهم البجلي (عن قيس) هو ابن أبي حازم (عن أبي مسعود) عقبة بن عمرو الأنصاري البدري ولأبي الوقت: عن ابن مسعود (يبلغ به النبي ﷺ) صريح في رفعه لا أنه سمعه من النبي ﷺ (قال):
(من هاهنا) أي من المشرق (جاءت الفتن) أي تجيء الفتن وعبر بالماضي مبالغة في تحقق وقوعه كأتى أمر الله وأشار بيده (نحو المشرق) بيان أو بدل من قوله هاهنا (والجفاء) بالجيم والمد وفي بدء الخلق والقسوة بدل الجفاء (وغلظ القلوب) قال القرطبي: هما شيئان لمسمى واحد كقوله تعالى: ﴿إنما أشكو بثي وحزني إلى الله﴾ [يوسف: ٨٦] أو المراد بالجفاء أن القلب لا يلين لموعظة وبالغلظ لا يفهم المراد ولا يعقل المعنى (في الفداوين) بتشديد الدال الأولى الصياحين (أهل الوبر) بفتح الواو والموحدة أي أهل البوادي وسموا بذلك لأنهم يتخذون بيوتهم من وبر الابل (عند أصول أذناب الإبل والبقر) أي عند سوقها (في ربيعة ومضر) القبيلتين. قال في الكواكب: وهو بدل من الفدّادين.
٣٤٩٩ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: الْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ
فِي الْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ، وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ، وَالإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ». قَالَ أَبُو عَبْدُ اللهِ: سُمِّيَتِ الْيَمَنَ لأَنَّهَا عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ، وَالشَّامَ عَنْ يَسَارِ الْكَعْبَةِ، وَالْمَشْأَمَةُ الْمَيْسَرَةُ، وَالْيَدُ الْيُسْرَى: الشُّؤْمَى، وَالْجَانِبُ الأَيْسَرُ الأَشْأَمُ.
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (أبو سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف (أن أبا هريرة ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول):
(الفخر والخيلاء) بضم الخاء وفتح التحتية والمد أي الكبر والعجب (في الفدّادين) الذي تعلو صلواتهم في حروثهم ومواشيهم (أهل) البيوت المتخذة من (الوبر) قال الخطابي: إنما ذم هؤلاء لاشتغالهم بما هم فيه عن أمور دينهم وذلك يفضي إلى قساوة القلب (والسكينة) وهي السكون والوقار والتواضع (في أهل الغنم) لأنهم غالبًا دون أهل الإبل في التوسع والكثرة وهما من سبب الفخر والخيلاء، وقد قال ﵊ لأم هانئ "اتخذي الغنم فإن فيها بركة" رواه ابن ماجه. (والإيمان يمان) ظاهره نسبة الإيمان إلى اليمن لأن أصل يمان يمني فحذفت ياء النسب وعوض عنها الألف فصار يمان وهي اللغة الفصحى، واختلف في المراد فقيل معناه نسبة الإيمان إلى مكة لأنه مبتدأ منها ومكة يمانية بالنسبة إلى المدينة، أو المراد مكة والمدينة إذ هما يمانيتان بالنسبة إلى الشام بناء على أن هذه المقالة صدرت منه ﷺ وهو بتبوك، أو المراد أهل اليمن على الحقيقة وحمله على الموجودين منهم إذ ذاك لا كل أهل اليمن في كل زمان. وفي الحديث: أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوبًا وأرق أفئدة الإيمان يمان (والحكمة يمانية) بالتخفيف وحي التشديد والحكمة العلم المشتمل على معرفة الله المصحوب بنفاذ البصيرة وتهذيب النفس وتحقيق الحق والعمل به والصدّ عن اتباع الهوى والباطل والحكيم من له ذلك. وقال