كله إلا في قوله لبث وسببه تعلق أسباب اللبث وحينئذ فيكون المعنى وأن أبا بكر تعشى عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم لبث عنده حتى صلّى العشاء ثم ركع النافلة التي بعدها فلبث حتى أخذ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النعاس وقام لينام فرجع أبو بكر حينئذ إلى بيته فجاء بعدما مضى من الليل ما شاء الله.
(قالت له امرأته): أم رومان (ما حبسك عن) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي من (أضيافك) الثلاثة (أو) قالت (ضيفك) بالإفراد اسم جنس يطلق -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- القليل والكثير والشك من الرواي (قال): أبو بكر لزوجته (أو عشيتهم؟) بهمزة الاستفهام وحذف الياء المتولدة من المثناة الفوقية ولأبي ذر عن الكشميهني أو ما عشيتهم بزيادة ما (قالت: أبوا) بفتح الهمزة والموحدة وسكون الواو امتنعوا من الأكل (حتى تجيء. قد عرضوا) أي الخدم (عليهم) أي العشاء فأبوا
فعالجوهم (فغلبوهم) ولم يأكلوا حتى تحضر وتأكل معهم. قال عبد الرحمن (فذهبت فاختبأت) أي فاختفيت خوفًا منه (فقال) لي (يا غنثر) بضم الغين المعجمة وفتح المثلثة بينهما نون ساكنة آخره راء أي يا جاهل أو يا ثقيل أو يا لئيم (فجدع) بالجيم والدال والعين المهملتين المفتوحتين دعا عليّ بالجدع وهو قطع الأنف أو الأذن أو الشفة (وسب) شتم أي ظنًّا منه أنه فرط في حق الأضياف (وقال) للأضياف (كلوا) زاد في الصلاة لا هنيئًا قاله تأديبًا لهم لما ظهر له أن التأخير منهم أو هو خبر، والمعنى أنكم لم تتهنؤوا بالطعام في وقته (وقال) أبو بكر (لا أطعمه أبدًا) وفي رواية الحريري فقال: إنما انتظرتموني والله لا أطعمه أبدًا، فقال الآخرون: لا نطعمه أبدًا حتى تطعمه، ولأبي داود من هذا الوجه هات طعامك فوضع فقال: بسم الله.
(قال) عبد الرحمن (وايم الله) بهمزة وصل ويجوز قطعها مبتدأ خبره محذوف أي قسمي (ما كنا نأخذ من اللقمة) في الصلاة لقمة بحذف ال (إلاّ ربا) زاد في الطعام (من أسفلها) من أسفل اللقمة (أكثر منها حتى شبعوا) بكسر الموحدة (وصارت) أي الأطعمة أو الجفنة (أكثر مما كانت قبل، فنظر أبو بكر) أي إليها كما في الصلاة (فإذا شيء) قدر الذي كان (أو أكثر. قال) أي أبو بكر ولأبي ذر: فقال (لامرأته) أم رومان (يا أخت بني فراس) بكسر الفاء وتخفيف الراء وبعد الألف سين مهملة وهو ابن غنم بن مالك بن كنانة وأم رومان من ذرية الحرث بن غنم وهو أخو فراس بن غنم، فالظاهر أن أبا بكر نسبها إلى بني فراس لكونهم أشهر من بني الحرث، والمعنى يا أخت القوم المنتسبين إلى بني فراس، وفي الصلاة: ما هذا وهو استفهام عن الزيادة الحاصلة في ذلك الطعام (قالت: لا وقرة عيني) تعني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا زائدة أو نافية على حذف تقديره لا شيء غير ما أقول. وقال الكرماني: ما هذه الحالة؟ فقالت: لا أعلم. (لهي) الأطعمة أو الجفنة (الآن أكثر مما قبل بثلاث مرات) ولأبي ذر: مرار وهذا النموّ آية من آياته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ظهرت على يد الصديق كرامة له، وإنما حلفت أم رومان لما وقع عندها من السرور بذلك (فأكل منها أبو بكر وقال: وإنما كان الشيطان) الحامل لي على ذلك (يعني يمينه) التي حلفها حيث قال: والله لا أطعمه. ولمسلم: إنما كان ذلك من الشيطان يعني يمينه. والحاصل كما في الفتح أن الله أكرم أبا بكر فأزال ما حصل له من الحرج فعاد مسرورًا وانقلب الشيطان مدحورًا.
(ثم أكل منها لقمة) ليرغم الشيطان بالحنث الذي هو خير وإكرامًا لضيفانه وليحصل مقصوده من أكلهم ولكونه أكثر قدرة منهم على الكفارة (ثم حملها إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأصبحت عنده) عليه الصلاة والسلام (وكان بيننا وبين قوم عهد) أي عهد مهادنة (فمضى الأجل) فجاؤوا إلى المدينة (فعرفنا) بالعين المهملة وتشديد الراء وبالفاء (اثنا عشر رجلاً) بألف على لغة من يجعل المثنى كالمقصور في أحواله الثلاث أي جعلناهم عرفاء على بقية أصحابهم، وللحموي: فتفرقنا بالفوقية بعد الفاء وتشديد الراء وسكون القاف وفي نسخة ففرقنا بفتح القاف