أي كان يخطب مستندًا إلى جذع نخلة (فلما اتخذ) ﵊ (المنبر تحول إليه) للخطبة (فحنّ الجذع) لمفارقته حنين المتألم المشتاق عند الفراق وإنما يشتاق إلى بركة الرسول ﵊ ويتأسف على مفارقته أعقل العقلاء والعقل والحنين بهذا الاعتبار يستدعي الحياة. وهذا يدل على أن الله تعالى خلق فيه الحياة والعقل والشوق ولهذا حنّ (فأتاه) ﵊ (فمسح يده عليه) فسكن.
وهذا الحديث أخرجه الترمذي في الصلاة.
(وقال عبد الحميد) جزم المزي بأنه عبد بن حميد الحافظ المشهور قال: وكان اسمه عبد الحميد وقيل له عبد بغير إضافة تخفيفًا (أخبرنا عثمان بن عمر) بضم العين وفتح الميم ابن فارس البصري قال: (أخبرنا معاذ بن العلاء) المازني أخو أبي عمرو بن العلاء (عن نافع) مولى ابن عمر (بهذا) الحديث السابق، وهذا التعليق وصله الدارمي في مسنده عن عثمان بن عمر بهذا الإسناد.
(ورواه) أي الحديث (أبو عاصم) النبيل فيما وصله البيهقي وأبو داود (عن ابن أبي رواد) بفتح الراء والواو المشددة ميمون المروزي (عن نافع عن ابن عمر) ﵁ (عن النبي ﷺ) فذكره.
٣٥٨٤ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵄: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى شَجَرَةٍ أَوْ نَخْلَةٍ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ -أَوْ رَجُلٌ-: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَجْعَلُ لَكَ مِنْبَرًا؟ قَالَ: إِنْ شِئْتُمْ. فَجَعَلُوا لَهُ مِنْبَرًا. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ دُفِعَ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَّبِيِّ، ثُمَّ نَزَلَ النَّبِيُّ ﷺ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، يَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّنُ. قَالَ: كَانَتْ تَبْكِي عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ عِنْدَهَا».
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا عبد الواحد بن أيمن) المخزومي (قال: سمعت أبي) أيمن الحبشي (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري (﵄ أن النبي ﷺ كان يقوم يوم الجمعة) يخطب (إلى شجرة أو) قال إلى (نخلة) بالشك من الراوي (فقالت امرأة من الأنصار) لم تسم (أو رجل): في رواية ابن أبي رواد عند البيهقي في الدلائل أنه تميم الداري (يا رسول الله ألا) بالتخفيف (نجعل لك منبرًا؟ قال):
(إن شئتم) (فجعلوا له منبرًا) عمله باقوم بالموحدة والقاف المضمومة آخره ميم أو لام أو هو مينا أو إبراهيم أو كلاب مولى العباس، وجزم البلاذري بأن الذي عمله أبو رافع مولى النبي ﷺ (فلما كان يوم الجمعة) برفع يوم اسم كان وبالنصب على الظرفية وقت الخطبة (دفع) بضم الدال المهملة وكسر الفاء، ولأبي ذر عن الكشميهني رفع بالراء بدل الدال أي النبي ﷺ (إلى المنبر) ليخطب عليه (فصاحت النخلة) التي كان يخطب عندها (صياح الصبي) زاد في البيع حتى كادت أن تنشق (ثم نزل النبي ﷺ فضمه) أي الجذع وللأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني فضمها أي النخلة (إليه) ﷺ (تئن) أي فجعلت تئن (أنين الصبي الذي يسكن) بضم التحتية آخره نون مبنيًّا للمفعول من التسكين (قال): ﵊ (كانت) أي النخلة (تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها).
وهذا الحديث سبق فى باب النجار من البيوع.
٣٥٨٥ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ يَقُولُ: "كَانَ الْمَسْجِدُ مَسْقُوفًا عَلَى جُذُوعٍ مِنْ نَخْلٍ، فَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا خَطَبَ يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ مِنْهَا، فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ فَكَانَ عَلَيْهِ فَسَمِعْنَا لِذَلِكَ الْجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ الْعِشَارِ، حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ ﷺ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَسَكَنَتْ".
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس (قال: حدّثني) بالإفراد (أخي) أبو بكر عبد الحميد (عن سليمان بن بلال) القرشي التيمي (عن يحيي بن سعيد) الأنصاري أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (حفص بن عبيد الله) بضم العين مصغرًا (ابن أنس بن مالك أنه سمع جابر بن عبد الله) الأنصاري ﵄ (يقول: كان المسجد) النبوي (مسقوفًا على جذوع من نخل) كانت له كالأعمدة (فكان النبي ﷺ إذا خطب يقوم) مستندًا (إلى جذع منها فلما صنع له المنبر) بضم الصاد مبنيًّا للمفعول (وكان) بالواو ولأبوي الوقت وذر فكان (عليه) أي على المنبر (فسمعنا لذلك الجذع صوتًا كصوت العشار) بكسر العين المهملة وبالشين المعجمة المخففة الناقة التي أتت عليها من يوم إرسال الفحل عليها عشرة أشهر (حتى جاء النبي ﷺ فوضع يده عليها فسكنت) بالنون.
وهذا الحديث سبق في باب الخطبة على المنبر من كتاب الجمعة، وقد قال الشافعي-﵁ فيما نقله ابن أبي حاتم عنه في مناقبه: ما أعطى الله نبيًّا ما أعطى نبينا محمدًا ﷺ، فقيل: أعطى عيسى إحياء الموتى. قال: أعطى محمد حنين