للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك وقيل: كان بينهم أكثر من سبعين زحفًا، وكان أول قتالهما في غرة صفر، فلما كاد أهل الشام أن يغلبوا رفعوا المصاحف بمشورة عمرو بن العاص ودعوا إلى ما فيها فآل الأمر إلى الحكمين فجرى ما جرى من اختلافهما واستبداد معاوية بملك الشام واشتغال علي بالخوارج.

(دعواهما واحدة) ويؤخذ منه الردّ على الخوارج ومن تبعهم في تكفيرهم كلاً من الطائفتين (ولا تقوم الساعة حتى يبعث) بضم أوله وفتح ثالثه مبنيًّا للمفعول يخرج ويظهر (دجالون) بفتح الدال المهملة والجيم المشددة يقال دجل فلان الحق بباطله أي غطاه ويطلق على الكذب أيضًا، وحينئذٍ فيكون قوله (كذابون) تأكيدًا (قريبًا) نصب حال من النكرة الموصوفة (من ثلاثين) نفسًا.

وفي مسلم من حديث جابر بن سمرة: إن بين يدي الساعة ثلاثين كذابًا فجزم بذلك (كلهم يزعم أنّه رسول الله) بتسويل الشيطان لهم ذلك مع قيام الشوكة لهم وظهور شبهة كمسيلمة باليمامة

والأسود العنسي باليمن وكان ظهورهما في آخر الزمن النبوي، فقتل الثاني قبل موته ، ومسيلمة في خلافة أبي بكر وفيها خروج طليحة بن خويلد في بني أسد بن خزيمة وسجاح التميمية في بني تميم، ثم تاب طليحة ومات على الإسلام على الصحيح في خلافة عمر، وقيل وتابت المرأة. وفي أول خلافة ابن الزبير خرج المختار بن أبي عبيد الثقفي وتغلب على الكوفة ثم ادّعى النبوة وزعم أن جبريل يأتيه وقُتل في سنة بضع وستين، وفي خلافة عبد الملك بن مروان خرج الحرث فقتل، ثم خرج في خلافة بني العباس جماعة ادعوا ذلك بسبب ما نشأ لهم عن جنون أو سوداء وقد أهلك الله من وقع له ذلك منهم وآخرهم الدجال الأكبر.

٣٦١٠ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ: «بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -وَهْوَ يَقْسِمُ قَسْمًا- إِذْ أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهْوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ. فَقَالَ: وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ، قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ. فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ: دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ: يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ -وَهْوَ قِدْحُهُ- فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ، وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ الَّذِي نَعَتَهُ».

وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (أبو سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف (أن أبا سعيد الخدري قال: بينما) بالميم (نحن مع رسول الله وهو يقسم قسمًا) بفتح القاف مصدر قسمت الشيء فانقسم سمي الشيء المقسوم بالمصدر والواو في وهو للحال، وزاد أفلح بن عبد الله في روايته عنه يوم حنين، وفي رواية عبد الرحمن بن أبي نعيم عن أبي سعيد في المغازي أن المقسوم كان تبرًا بعثه علي بن أبي طالب من اليمن فقسمه النبي بين أربعة (إذ أتاه ذو الخويصرة) وثبت في الفرع إذ وسقط من اليونينية وعدة أصول والخويصرة بضم الخاء المعجمة وفتح الواو وسكون التحتية وكسر الصاد المهملة بعدها راء واسمه نافع كما عند أبي داود ورجحه السهيلي، وقيل اسمه حرقوص بن زهير (وهو رجل من بني تميم) وفي باب من ترك قتال الخوارج من كتاب استتابة المرتدين جاء عبد الله بن ذي الخويصرة (فقال: يا رسول الله

اعدل) في القسمة (فقال) :

(ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل) وفي رواية ابن أبي نعيم فقال: يا رسول الله اتق الله. قال: "ويلك أولست أحق أهل الأرض أن يتقي الله؟ " (قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل) لم يضبط في اليونينية تاءي خبت وخسرت هنا وضبطها في غيرها بالضم والفتح على المتكلم والمخاطب والفتح أشهر وأوجه.

قال التوربشتي: هو على ضمير المخاطب لا على ضمير المتكلم وإنما رد الخيبة والخسران إلى المخاطب على تقدير عدم العدل منه لأن الله تعالى بعثه رحمة للعالمين وليقوم بالعدل فيهم فإذا قدر أنه لم يعدل فقد خاب المعترف بأنه مبعوث إليهم وخسر لأن الله لا يحب الخائنين فضلاً أن يرسلهم إلى عباده. وقال الكرماني: أي خبت وخسرت لكونك تابعًا ومقتديًا بمن لا يعدل، ولأبي ذر عن الحموي: إذا لم أكن أعدل.

(فقال عمر) بن الخطاب رضي الله تعالى عنه (يا رسول الله ائذن لي فيه فاضرب) نصب بفاء الجواب ولأبي ذر أضرب (عنقه) بإسقاط الفاء وبالجزم جواب الشرط (فقال: دعه) لا تضرب عنقه.

فإن قلت: كيف منع من قتله مع أنه قال: لئن أدركتهم لأقتلنهم؟ أجاب في شرح السنّة: بأنه إنما أباح قتلهم إذا كثروا وامتنعوا بالسلاح واستعرضوا للناس، ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>