للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وشهيدان) عمر وعثمان. قال ابن المنير: قيل الحكمة في ذلك أنه لما أرجف أراد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يبين أن هذه الرجفة ليست من جنس رجفة الجبل بقوم موسى عليه السلام لما حرفوا الكلم، وأن تلك رجفة الغضب وهذه هزة الطرب، ولهذا نص على مقام النبوّة والصديقية والشهادة التي توجب سرور ما اتصلت به لا رجفانه فأقر الجبل بذلك فاستقر وما أحسن قول بعضهم:

ومال حراء تحته فرحًا به ... فلولا مقال اسكن تضعضع وانقضا

وهذا الحديث يخرجه أيضًا في فضل عمر، وأبو داود في السنة، والترمذي والنسائي في المناقب.

٣٦٧٦ - حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا صَخْرٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «بَيْنَمَا أَنَا عَلَى بِئْرٍ أَنْزِعُ مِنْهَا جَاءَنِي أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ الدَّلْوَ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ. ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ مِنْ يَدِ أَبِي بَكْرٍ فَاسْتَحَالَتْ فِي يَدِهِ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَفْرِي فَرِيَّهُ، فَنَزَعَ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ».

قَالَ وَهْبٌ: الْعَطَنُ مَبْرَكُ الإِبِلِ، يَقُولُ: حَتَّى رَوِيَتِ الإِبِلُ فَأَنَاخَتْ.

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (أحمد بن سعيد) بكسر العين الرباطي المروزي (أبو عبد الله) الأشقر قال: (حدّثنا وهب بن جرير) بفتح الجيم ابن حازم أبو عبد الله الأزدي البصري قال: (حدّثنا صخر) هو ابن جويرية مولى بني تميم أو بني هلال (عن نافع) مولى ابن عمر (أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(بينما) بالميم ولأبي ذر: بينا (أنا على بئر أنزع) أي أستقي (منها) في المنام (جاءني أبو بكر وعمر فأخذ أبو بكر الدلو فنزع) منها (ذنوبًا أو ذنوبين) بفتح الذال المعجمة دلوا أو دلوين ممتلئين ماء والشك من الراوي (وفي نزعه ضعف) إشارة إلى ما كان في زمنه من الارتداد واختلاف الكلمة ولين جانبه ومداراته مع الناس (والله يغفر له) هي كلمة كانوا يقولونها افعل كذا والله يغفر لك (ثم أخذها ابن الخطاب) عمر (من يد أبي بكر) بالإفراد، ولأبي ذر: من يدي أبي بكر (فاستحالت) أي تحوّلت (في يده غربًا) بفتح الغين المعجمة وسكون الراء دلوا عظيمة (فلم أر

عبقريًّا) سيدًا قويًا (من الناس يفري فريه) بفتح التحتية وسكون الفاء في الأولى وفتح الفاء وكسر الراء وتشديد التحتية المفتوحة في الثانية أي يعمل عمله البالغ (فنزع) من البئر (حتى ضرب الناس بعطن) بفتح المهملتين آخره نون.

(قال وهب): هو ابن جرير المذكور بالإسناد السابق المذكور (العطن مبرك الإبل يقول حتى رويت الإبل فأناخت) قال في المصابيح، قيل حق الكلام فأنيخت أي بركت وهذا كله فيه إشارة إلى ما أكرم الله عز وجل به عمر من امتداد مدّة خلافته، ثم القيام فيها بإعزاز الإسلام وحفظ حدوده وتقوية أهله حتى ضرب الناس بعطن أي حتى رووا وأرووا إبلهم وأبركوها وضربوا لها عطنًا وهو مبرك الإبل حول الماء. يقال: أعطنت الإبل فهي عاطنة، وعواطن أي سقيت وتركت عند الحياض لتعاد مرة أخرى.

٣٦٧٧ - حَدَّثَنا الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحُسَيْنِ الْمَكِّيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "إِنِّي لَوَاقِفٌ فِي قَوْمٍ فَدَعَوُا اللَّهَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -وَقَدْ وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ- إِذَا رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي قَدْ وَضَعَ مِرْفَقَهُ عَلَى مَنْكِبِي يَقُولُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنْ كُنْتُ لأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ، لأَنِّي كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: كُنْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَفَعَلْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَانْطَلَقْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. فَإِنْ كُنْتُ لأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَهُمَا. فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ". [لحديث ٣٦٧٧ - طرفه في: ٣٦٨٥].

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (الوليد بن صالح) النخاس بالخاء المعجمة الفلسطيني وثقه أبو حاتم وغيره ولم يكتب عنه أحمد لأنه كان من أصحاب الرأي، وليس له في البخاري إلا هذا الحديث وسيأتي إن شاء الله تعالى من وجه آخر في مناقب عمر قال: (حدّثنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي بفتح المهملة وكسر الموحدة أخو إسرائيل قال: (حدّثنا عمر بن سعيد بن أبي الحسين) بضم العين في الأول وكسرها في الثاني وضم الحاء في الثالث ولأبي ذرّ أبي حسين (المكي) النوفليّ (عن ابن أبي مليكة) عبد الله بن عبيد الله بضم عين الثاني (عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- أنه (قال: إني لواقف) بلام التأكيد المفتوحة (في قوم فدعوا الله) ولأبي الوقت يدعوا الله بتحتية بدل الفاء وسكون الدال وضم العين (لعمر بن الخطاب وقد وضع على سريره) لما مات والجملة حالية من عمر (إذا رجل من خلفي قد وضع مرفقه على منكبي يقول): لعمر بن الخطاب (رحمك الله) بصيغة الماضي، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي: يرحمك الله (إن كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبي بكر -رضي الله عنه- تدفن معهما (لأني كثيرًا) اللام للتعليل أو مؤكدة وكثيرًا ظرف زمان وعامله كان تقدم عليه (مما) بزيادة من أو التقدير أجد كثيرًا مما وللأصيلي: ما (كنت أسمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):

(كنت وأبو بكر وعمر) عطف على المرفوع المتصل بدون تأكيد ولا فاصل وفيه

<<  <  ج: ص:  >  >>