الموحدة المكسورة تحتية ساكنة فراء من البرود ما كان موشّى مخططًا، ولابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني: الحرير (ولا يخدمني فلان ولا فلانة، وكنت ألصق بالحصباء من الجوع) لتنكسر حرارة شدة الجوع ببرودة الحصباء (وإن كنت لأستقرئ الرجل) بالهمز أي أطلب منه أن يقرئني (الآية) من القرآن العزيز (هي) أي والحال أن تلك الآية (معي) أي أحفظها.
وقال الحافظ ابن حجر والزركشي: أي أطلب منه القري أي الضيافة كما وقع مبينًا في رواية أبي نعيم في الحلية عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه وجد عمر -رضي الله عنه- فقال: أقرئني فظن أنه من القراءة وأخذ يقرئه القرآن ولم يطعمه قال: وإنما أردت منه الطعام، وهذا الذي قالاه يرده قوله الآية كما قاله العيني وصاحب المصابيح. فالحمل على أنهما قضيتان أوجه. وأجاب في انتقاض الاعتراض بأنه إذا حمل على التعدد فحيث يكون في القصة استقرئ بالهمز أو مع التصريح بالآية فهو من القراءة جزمًا وحيث لا بل يكون بتسهيل الهمزة أمكنت إرادة التورية كما في رواية أبي نعيم انتهى.
قلت: وهذا الحديث رواه المؤلّف في الأطعمة من طريق عبد الرحمن بن أبي شيبة، عن ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن أبي سعيد كما هنا استقرئ بالهمز وذكر الآية. ورواه أيضًا الترمذي في المناقب عن أبي سعيد الأشج عن إسماعيل بن إبراهيم التيمي عن إبراهيم بن إسحاق المخزومي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة بلفظ: إن كنت لاستقرئ الرجل من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الآية من القرآن وأنا أعلم بها منه ما أسأله إلا ليطعمني شيئًا؟ فكنت إذا سألت جعفر بن أبي طالب لم يجبني حتى يذهب بي إلى منزله فيقول لامرأته: يا أسماء أطعمينا فإذا أطعمتنا أجابني، وكان جعفر يحب المساكين ويجلس إليهم ويحدثهم ويحدثونه، وكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يكنيه بأبي المساكين ثم قال: هذا حديث غريب وأبو إسحاق المخزومي هو إبراهيم بن الفضل المديني، وقد تكلم فيه بعض أهل الحديث من قبل حفظه فقد ثبت أن قوله: استقرئ بالهمز من القراءة مع التصريح بالآية، فتعين الحمل على التعدد جميعًا بين ما ذكر ورواية أبي نعيم المذكورة.
وهذا الحديث قد رواه ابن ماجه في الزهد عن عبد الله بن سعيد الكندي، عن إسماعيل بن إبراهيم التيمي، عن أبي إسحاق المخزومي لكنه لم يقل فيه وكنت أستقرئ الرجل الآية هي معي (كي ينقلب) أي يرجع (بي) إلى منزله (فيطعمني) شيئًا (وكان أخير الناس) بإثبات الهمزة قبل الخاء بوزن أفضل ومعناه لأبي ذر عن الكشميهني خير بحذفها لغتان فصيحتان (للمسكين) بالإفراد جنس، ولأبي ذر: للمساكن (جعفر بن أبي طالب كان ينقلب بنا) إلى منزله (فيطعمنا ما كان في بيته) فما في موضع نصب مفعول ثان لقوله: فيطعمنا (حتى إن كان ليخرج) بضم الياء من الإخراج (إلينا العكة) وعاء السمن (التي ليس فيها شيء) يمكن إخراجه منها بغير شقها (فيشقها فنلعق ما فيها) أي في جوانبها بعد الشق.
قال أبو عبد الله: الجناحان كلٌ ناحيتين. [الحديث ٣٧٠٩ - طرفه في: ٤٢٦٤].
وبه قال:(حدّثنى) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (عمرو بن علي) بفتح العين وسكون الميم ابن بحر الباهلي الصيرفي الفلاس قال: (حدّثنا يزيد بن هارون) الواسطي قال: (أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد) واسمه سعد الكوفي (عن الشعبي) عامر بن شراحيل (أن ابن عمر -رضي الله عنهما- كان إذا سلم على ابن جعفر) عبد الله (قال: السلام عليك يا ابن ذي الجناحين) لقوله عليه الصلاة والسلام له "هنيئًا لك أبوك يطير مع الملائكة في السماء" أخرجه الطبراني، وكان قد أصيب بمؤتة من أرض الشام وهو أمير بيده راية الإسلام بعد زيد بن حارثة فقاتل في الله حتى قطعت يداه فأري النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما كشف به أن له جناحين مضرجين بالدم يطير بهما في الجنة مع الملائكة. وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عند الترمذي والحاكم بإسناد علي شرط مسلم أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: مرّ بي جعفر الليلة في ملأ من الملائكة وهو مخضب الجناحين بالدم، وفي حديث ابن عباس مرفوعًا