وهذا الأمر لا صارف لحمله على الوجوب، وحكمه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الواحد حكمه على الجماعة، فيلزم من هذا وجوب محبتها على كل أحد. وقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيها ما لا يحصى من الفضل، ونطق القرآن العزيز
في شأنها بما لم ينطق به في غيرها.
وأما بقية أزواجه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غير خديجة فلا يبلغن هذه المرتبة، لكنا نعلم لحفصة بنت عمر من الفضائل كثيرًا فما أشبه أن تكون هي بعد عائشة والكلام في التفضيل صعب، ولا ينبغي التكلم إلا بما ورد والسكوت عما سواه. وحفظ الأدب. وقال المتولي من أصحابنا: والأولى بالعاقل أن لا يشتغل بمثل ذلك.
٣٧٧٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه- يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى الطَّعَامِ».
وبه قال: (حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) الأويسي (قال: حدّثنا) بالإفراد (محمد بن جعفر) أي ابن أبي كثير (عن عبد الله بن عبد الرحمن) أبي طوالة الأنصاري (أنه سمع أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):
(فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام) ولأبي ذر: على سائر الطعام.
٣٧٧١ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ "أَنَّ عَائِشَةَ اشْتَكَتْ، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، تَقْدَمِينَ عَلَى فَرَطِ صِدْقٍ، عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ". [الحديث ٣٧٧١ - طرفاه في: ٤٧٥٣، ٤٧٥٤].
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشدّدة أبو بكر بندار العبدي قال: (حدّثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد) بن الصلت بن عبيد الله بن الحكم بن أبي العاصي بن بشر الثقفي قال: (حدّثنا ابن عون) عبد الله البصري (عن القاسم بن محمد) أي ابن أبي بكر الصديق التيمي أحد الفقهاء بالمدينة (أن عائشة) -رضي الله عنها- (اشتكت) أي مرضت (فجاء ابن عباس) إليها يعودها (فقال) لها: (يا أم المؤمنين تقدمين) بفتح الدال (على فرط صدق) بفتح الفاء والراء أي بإضافته لصدق من إضافة الموصوف لصفته والفرط السابق إلى الماء والمنزل والصدق الصادق (على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بدل بتكرار العامل (وعلى أبي بكر) الصديق -رضي الله عنه-، والمعنى أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبا بكر قد سبقاك وأنت تلحقينهما وهم قد هيئا لك المنزل في الجنة فلتقرّ عينك بذلك.
ومطابقته للترجمة بكونه قطع لعائشة بدخول الجنة إذ لا يقول ابن عباس ذلك إلا بتوقيف.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في التعبير.
٣٧٧٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ: "لَمَّا بَعَثَ عَلِيٌّ عَمَّارًا وَالْحَسَنَ إِلَى الْكُوفَةِ لِيَسْتَنْفِرَهُمْ، خَطَبَ عَمَّارٌ فَقَالَ: إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ
فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ ابْتَلَاكُمْ لِتَتَّبِعُوهُ أَوْ إِيَّاهَا". [الحديث ٣٧٧٢ - طرفاه في: ٧١٠٠، ٧١٠١].
وبه قال: (حدّثنا محمد بن بشار) بندار العبدي قال: (حدّثنا غندر) محمد بن جعفر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن الحكم) بن عتيبة أنه قال: (سمعت أبا وائل) شقيق بن سلمة (قال: لما بعث عليّ عمارًا) هو ابن ياسر (والحسن) بفتح الحاء ابن علي (إلى) أهل (الكوفة ليستنفرهم) ليطاب خروجهم إلى علي وإلى نصرته في مقاتلة كانت بينه وبين عائشة بالبصرة في وقعة الجمل وجواب لما قوله (خطب عمار فقال) في خطبته: (إني لأعلم أنها) يعني عائشة (زوجته) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (في الدنيا والآخرة) وفي حديث ابن حبان أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لها: "أما ترضين أن تكوني زوجتي في الدنيا والآخرة" (ولكن الله ابتلاكم لتتبعوه) سبحانه وتعالى في حكمه الشرعي في طاعة الإمام وعدم الخروج عليه (أو) لتتبعوا (إياها) أي عائشة -رضي الله عنها-.
٣٧٧٣ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ "عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلَادَةً فَهَلَكَتْ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي طَلَبِهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلَاةُ، فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ. فَلَمَّا أَتَوُا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، فَقَالَ: أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ إِلَاّ جَعَلَ اللَّهُ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا، وَجَعَلَ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ بَرَكَةً".
وبه قال: (حدّثنا عبيد بن إسماعيل) أبو محمد القرشي الهباري الكوفي من ولد هبار بن الأسود واسمه عبد الله وعبيد لقب غلب عليه وعرف به قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن هشام عن أبيه) عروة التابعي ابن الزبير بن العوّام (عن عائشة -رضي الله عنها- أنها استعارت من) أختها (أسماء) بنت أبي بكر الصديق (قلادة) بكسر القاف قيل كان ثمنها اثني عشر درهمًا (فهلكت) أي ضاعت (فأرسل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ناسًا من أصحابه في طلبها) وفي التيمم رجلاً وفسر بأنه أسيد بن حضير (فأدركتهم الصلاة فصلّوا بغير وضوء) لم أقف على تعيين هذه الصلاة (فلما أتوا النبي) ولأبي ذر رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شكوا ذلك) الذي وقع لهم من فقد الماء وصلاتهم بغير وضوء (إليه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فنزلت آية التيمم) التي في سورة المائدة (فقال أسيد بن حضير): بضم الهمزة والحاء المهملة مصغرين الأنصاري الأوسي الأشهلي، وزاد في التيمم