عنهم- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(خير نسائها) أي الدنيا أي خير نساء أهل الدنيا في زمانها (مريم) ابنة عمران (وخير نسائها) أي هذه الأمة (خديجة). وعند مسلم من رواية وكيع عن هشام في هذا الحديث وأشار وكيع إلى السماء والأرض. قال النووي رحمه الله: أراد وكيع بهذه الإشارة تفسير الضمير في نسائها وأن المراد جميع نساء الأرض أي كل من بين السماء والأرض من النساء قال: والأظهر أن معناه أن كل واحدة منهما خير نساء الأرض في عصرها، وأما التفضيل بينهما فمسكوت عنه.
وفي حديث عمار بن ياسر عند البزار والطبراني مرفوعًا:"لقد فضلت خديجة على نساء أمتي كما فضلت مريم على نساء العالمين". قال في الفتح: وهو حسن الإسناد، واستدلّ به على تفضيل خديجة على عائشة، وعند النسائي بإسناد صحيح وأخرجه الحاكم من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعًا "أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة ومريم وآسية".
وبه قال:(حدّثنا سعيد بن عفير) بضم المهملة وفتح الفاء أبو عثمان المصري نسبه لجدّه عفير واسم أبيه كثير بالمثلثة قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (قال: كتب إليّ هشام) قال في فتح الباري: وقع عند الإسماعيلي من وجه آخر عن الليث حدثني هشام فلعل الليث لقي هشامًا بعد أن كتب إليه فحدثه به أو كان مذهبه إطلاق حدّثنا في الكتابة، وقد نقل ذلك عنه الخطيب في علوم الحديث (عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوّام (عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها (قالت: ما غرت على امرأة للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بكسر الغين المعجمة وسكون الراء من الغيرة وهي الحمية والأنفة يقال: رجل غيور وامرأة غيور بلا هاء لأن فعولا يشترك فيه الذكر والأنثى وما نافية وما في قوله: (ما غرت) مصدرية أو موصولة أي ما غرت مثل غيرتي أو مثل التي غرتها (على خديجة) فيه ثبوت الغيرة وأنها غير مستنكر وقوعها من فاضلات النساء فضلاً عمن دونهن، وأن عائشة كانت تغار من نساء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لكن من خديجة أكثر (هلكت) ماتت (قبل أن يتزوّجني) يعني ولو كانت الآن موجودة لكانت غيرتي أقوى ثم بينت سبب غيرتها بقولها (لما كنت أسمعه يذكرها) وفي الرواية الآتية من كثرة ذكر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إياها (وأمره الله أن يبشرها ببيت) أي في الجنة (من قصب) بفتح القاف والصاد المهملة آخره موحدة لؤلؤ مجوف، وهذا أيضًا من جملة أسباب الغيرة لأن اختصاصها بهذه البشرى يشعر بمزيد محبته عليه الصلاة والسلام لها. وعند الإسماعيلي من رواية الفضل بن موسى عن هشام بن عروة: ما حسدت امرأة قط ما حسدت خديجة حين بشرها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ببيت من قصب (وإن كان ليذبح الشاة) إن مخففة من الثقيلة ولذا أتت باللام في قولها ليذبح الشاة (فيهدي) بضم الياء وكسر الدال (في خلائلها) بالخاء المعجمة أصدقائها (منها) من الشاة (ما يسعهن) أي ما يكفيهن، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: ما يتسعهن بزيادة الفوقية المشدّدة بعد التحتية أي ما يتسع لهن. قال في الفتح وفي رواية النسفيّ يشبعهن من الشبع بكسر المعجمة وفتح الموحدة وليس في روايته لفظة ما، وهذا أيضًا من أسباب الغيرة لما فيه من الإشعار باستمرار حبه لها حتى كان يتعاهد أصداءها.
وبه قال:(حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء البلخي قال: (حدّثنا حميد بن عبد الرحمن)
بضم الحاء وفتح الميم في الأول مصغرًا الرؤاسي بضم الراء وفتح الهمزة وسين مهملة مكسورة، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في الحدود (عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها (قالت: ما غرت على امرأة) أي من أزواجه عليه الصلاة والسلام (ما غرت) أي مثل غيرتي أو مثل التي غرتها (على خديجة من كثرة ذكر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إياها) إذ كثرة ذكر الشيء تدل على محبته، وأصل غيرة المرأة من تخيل محبة غيرها أكثر منها. وعند النسائي من رواية النضر بن شميل عن هشام كالمؤلّف في النكاح من كثرة ذكره إياها