فدعوا قومهم إلى الإسلام حتى فشا فيهم، ولم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلما كان العام المقبل قدم مكة من الأنصار اثنا عشر رجلاً منهم خمسة من الستة الذين ذكرناهم وهم: أبو أمامة، وعوف ابن عفراء، ورافع بن مالك، وقطبة، وعقبة. وبقيتهم معاذ بن الحرث بن رفاعة وهو ابن عفراء أخو عوف المذكور، وذكوان بن عبد قيس بن خلدة الزرقي، وعبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم، وأبو عبد الرحمن يزيد بن ثعلبة البلوي حليف بني عصية من بلى، والعباس بن عبادة بن نضلة. وهؤلاء من الخزرج.
ومن الأوس رجلان أبو الهيثم بن التيهان من بني عبد الأشهل وعويم بن ساعدة من بني عمرو بن عوف حليف لهم فبايعوه عند العقبة على بيعة النساء وبعث معهم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابن أم مكتوم ومصعب بن عمير يعلمان من أسلم منهم القرآن وشرائع الإسلام ويدعوان من لم يسلم إلى الإسلام فأسلم على يد مصعب خلق كثير من الأنصار ولم يبق في بني عبد الأشهل أحد من الرجال والنساء إلا أسلم حاشا الأصرم عمرو بن ثابت بن وقش فإنه تأخر إسلامه إلى يوم أُحد فأسلم واستشهد ولم يسجد لله سجدة واحدة، وأخبر عليه الصلاة والسلام أنه من أهل الجنة، ثم خرج جماعة كثيرة ممن أسلم من الأنصار يريدون لقاءه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في جملة قوم كفار منهم فوافوا مكة فواعدوه العقبة من أوسط أيام التشريق فبايعوه عند العقبة على أن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم ونساءهم وأبناءهم وأن يرحل إليهم هو وأصحابه، وحضر العباس تلك الليلة موثقًا لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومؤكدًا على أهل يثرب وكان يومئذٍ على دين قومه، وكان للبراء بن معرور في تلك الليلة المقام المحمود في التوثق، وكان المبايعون تلك الليلة سبعين رجلاً وامرأتين وسقط لفظ باب لأبي ذر.
٣٨٨٩ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ح.
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ -وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ حِينَ عَمِيَ- قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ بِطُولِهِ، قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ "وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلَامِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا".
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة مصغرًا اسم جده واسم أبيه عبد الله
المخزومي المصري قال: (حدّثنا الليث) بن سعد إمام المصريين (عن عقيل) بضم العين ابن خالد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري قال المؤلّف: (ح).
(وحدّثنا) بالواو الثابتة في رواية أبي ذر (أحمد بن صالح) أبو جعفر المصري قال: (حدّثنا عنبسة) بفتح العين والسين المهملتين بينهما نون ساكنة فموحدة مفتوحة ابن خالد بن يزيد الأيلي قال: (حدّثنا) عمي (يونس) بن يزيد الأيلي واللفظ لعقيل لا ليونس (عن ابن شهاب) أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن) أباه (عبد الله بن كعب وكان قائد كعب) أبيه (حين عمي قال: سمعت) أبي (كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن النبي) ولأبي ذر عن رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في غزوة تبوك) الحديث (بطوله. قال ابن بكير في حديثه): أي حديث عقيل (ولقد شهدت مع النبي) وفي نسخة مع رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وضبب في الفرع على لفظ النبي (ليلة العقبة) الثالثة (حين تواثقنا) بالمثلثة والقاف (على الإسلام وما أحب أن لي بها) أي بدلها (مشهد بدر) فالباء باء البدلية (وإن كانت بدر أذكر) بفتح الهمزة وسكون المعجمة وفتح الكاف أي أكثر شهرة (في الناس منها) لأن ليلة العقبة المذكورة كانت أول الإسلام ومنها فشا وتأكد أساسه.
وهذا الحديث مر في الوصايا والجهاد، وأخرجه أيضًا في المغازي والتفسير والاستئذان والأحكام مطوّلاً ومختصرًا.
٣٨٩٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: كَانَ عَمْرٌو يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- يَقُولُ: "شَهِدَ بِي خَالَايَ الْعَقَبَةَ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: "أَحَدُهُمَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ". [الحديث ٣٨٩٠ - طرفه في: ٣٨٩١].
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: كان عمرو) بفتح العين ابن دينار (يقول: سمعت جابر بن عبد الله) بن عمرو بن حرام بالمهملتين ابن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري (-رضي الله عنهما- يقول: شهد بي) بالموحدة قبل التحتية الساكنة (خالاي) تثنية خال مضاف لياء المتكلم المخففة (العقبة) الثالثة.
(قال أبو عبد الله) البخاري المؤلّف ولأبي ذر قال: عبد الله بن محمد أي الجعفي المسندي (قال ابن عيينة): سفيان (أحدهما)