مفتوحتين بينهما واو ساكنة باب صغير وكانوا قد فتحوا أبوابًا في ديارهم إلى المسجد فأمر رسول الله ﷺ بسدها كلها (إلا خوخة أبي بكر) تكريمًا له وتنبيهًا على أنه الخليفة بعده، أو المراد المجاز فهو كناية عن الخلافة وسد أبواب المقالة دون التطرق، ورجحه الطيبي محتجًّا بأنه لم يصح عنده أن أبا بكر ﵁ كان له بيت بجنب المسجد وإنما كان منزله بالسنح من عوالي المدينة.
وبه قال:(حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي ونسبه لجده (قال: حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين ابن خالد أنه قال: (قال ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (فأخبرني) بالتوحيد (عروة بن الزبير ﵁ أن عائشة ﵂ زوج النبي ﷺ) أنها (قالت: لم أعقل أبوي) بكسر القاف وتشديد ياء أبوي أي أبا بكر وأم رومان (قط إلاّ وهما يدينان الدين) بكسر الدال أي دين الإسلام (ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله ﷺ طرفي النهار بكرة وعشية، فلما ابتلي المسلمون) بأذى الكفار من قريش بحصرهم بني هاشم والمطلب في شعب أبي طالب وأذن ﷺ لأصحابه في الهجرة إلى الحبشة (خرج أبو بكر)﵁ حال كونه (مهاجرًا نحو أرض الحبشة) ليلحق من سبقه من المسلمين ممن هاجر إليها (حتى بلغ) ولأبي ذر: حتى إذا بلغ (برك الغماد) بفتح الموحدة وسكون الراء بعدها كاف. والغماد بكسر الغين المعجمة وتخفيف الميم وبعد الألف دال مهملة موضع على خمس ليال من مكة إلى جهة اليمن، ولأبي ذر برك بكسر الموحدة (لقيه ابن الدغنة) بفتح الدال المهملة وكسر الغين المعجمة وتخفيف النون. وقال الأصيلي: قرأه لنا المروزي بفتح الغين ولأبي ذر في اليونينية بضم الدال، وله أيضًا فيها ابن الدغنة بضم الدال والغين وتشديد النون ونسبت هذه لكن بزيادة أداة التعريف لأهل اللغة والأولى للرواة وهو اسم أمه، واسمه الحرث بن يزيد كما عند البلاذري من طريق الواقدي عن معمر عن الزهري وليس هو ربيعة بن رفيع، ووهم الكرماني قاله الحافظ ابن حجر ﵀. (وهو سيد القارة) بالقاف وتخفيف الراء قبيلة مشهورة من بني الهون بالضم والتخفيف ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر (فقال) له: (أين تريد يا أبا بكر؟ فقال) له (أبو بكر أخرجني قومي) أي تسببوا في إخراجي قريش (فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي) بهمزة مفتوحة فسين مكسورة وحاء مهملتين بينهما تحتية ساكنة ولم يذكر له وجه مقصده لأنه كان كافرًا (فقال) له: (ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج) بفتح أوله وضم ثالثه من الخزرج (ولا يخرج) بضم ثم فتح من الإخراج (إنك) وللمستملي والكشميهني أنت (تكسب المعدوم) بفتح تاء تكسب أي تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك، ولأبي ذر: عن الكشميهني المعدم بضم الميم وكسر الدال من غير واو (وتصل الرحم) أي القرابة (وتحمل الكل) بفتح الكاف وتشديد اللام الذي لا يستقل بأمره أو الثقل (وتقري الضيف) بفتح الفوقية من الثلاثي (وتعين على نوائب الحق) أي حوادثه فوصفه
بمثل ما وصفت خديجة ﵂ به النبي ﷺ وهو يدل على اشتهار أبي بكر ﵁ بالصفات المبالغة أنواع الكمال (فأنا لك جار) أي مجير أمنع من يؤذيك (ارجع) ولأبي ذر فارجع (واعبد ربك ببلدك) مكة (فرجع) أبو بكر ﵁(وارتحل معه ابن الدغنة) إلى مكة (فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش فقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج مثله) من وطنه باختياره على نيّة الإقامة مع ما فيه من النفع المتعدي لأهل بلده (ولا يخرج) بضم أوله وفتح ثالثه لا يخرجه أحد بغير اختياره لما ذكر (أتخرجون رجلاً) استفهام إنكاري (يكسب المعدوم) وللكشميهني المعدم (ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة) بكسر الجيم