للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مكانهما وهو كناية عنهما، كأنه لم يثق بهما لأنه لم يعرفهما فلم يأمن أن يكونا من العدوّ، وفي مغازي ابن عائذ بإسناد منقطع فأشفقت أن يؤتى الناس من قبلي لكوني بين غلامين حديثين (إذ قال لي أحدهما سرًّا من صاحبه: يا عمّ أرني أبا جهل فقلت) له (يا ابن أخي وما) بالواو ولابن عساكر ما (تصنع به؟ قال: عاهدت الله) ﷿ (إن رأيته أن أقتله أو أموت دونه) قال العيني: الأولى أن "أو" بمعنى "إلى" أي إلى أن أموت دونه (فقال لي الآخر سرًّا من صاحبه مثله. قال) عبد الرحمن (فما سرني أني بين رجلين مكانهما فأشرت لهما إليه) أي إلى أبي جهل (فشدّا عليه مثل الصقرين) اللذين يصاد بهما (حتى ضرباه) بسيفهما حتى قتلاه (وهما) أي الفتيان معاذ ومعوّذ (ابنا عفراء) بفتح العين وسكون الفاء ممدودًا اسم أمهما وأبوهما الحارث بن رفاعة.

٣٩٨٩ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ عَشَرَةً عَيْنًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَةِ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ فَنَفَرُوا لَهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ رَامٍ فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمُ التَّمْرَ فِي مَنْزِلٍ نَزَلُوهُ فَقَالُوا: تَمْرُ يَثْرِبَ فَاتَّبَعُوا آثَارَهُمْ فَلَمَّا حَسَّ بِهِمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى مَوْضِعٍ فَأَحَاطَ بِهِمُ الْقَوْمُ فَقَالُوا لَهُمْ انْزِلُوا فَأَعْطُوا بِأَيْدِيكُمْ وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ أَنْ لَا نَقْتُلَ مِنْكُمْ أَحَدًا، فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ: أَيُّهَا الْقَوْمُ أَمَّا أَنَا فَلَا أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ فَقَتَلُوا عَاصِمًا وَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ عَلَى الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ مِنْهُمْ خُبَيْبٌ وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ وَرَجُلٌ آخَرُ فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَرَبَطُوهُمْ بِهَا قَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ وَاللَّهِ لَا أَصْحَبُكُمْ إِنَّ لِي بِهَؤُلَاءِ أُسْوَةً يُرِيدُ الْقَتْلَى فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ فَأَبَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَانْطُلِقَ بِخُبَيْبٍ وَزَيْدِ بْنِ الدَّثِنَةِ حَتَّى بَاعُوهُمَا بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ فَابْتَاعَ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ خُبَيْبًا وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا حَتَّى أَجْمَعُوا قَتْلَهُ فَاسْتَعَارَ مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الْحَارِثِ مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ فَدَرَجَ بُنَىٌّ لَهَا وَهْيَ غَافِلَةٌ حَتَّى أَتَاهُ فَوَجَدَتْهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ، قَالَتْ: فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ فَقَالَ: أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ قِطْفًا مِنْ عِنَبٍ فِي يَدِهِ وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ بِالْحَدِيدِ وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرَةٍ وَكَانَتْ تَقُولُ إِنَّهُ لَرِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ خُبَيْبًا فَلَمَّا خَرَجُوا بِهِ مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ: دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَتَرَكُوهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْلَا أَنْ تَحْسِبُوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَزِدْتُ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا وَلَا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:

فَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا … عَلَى أَيِّ جَنْبٍ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي

وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ … يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ

ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ أَبُو سِرْوَعَةَ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ فَقَتَلَهُ وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا الصَّلَاةَ وَأَخْبَرَ يَعْنِي النَّبِيِّ أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُصِيبُوا خَبَرَهُمْ، وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ أَنْ يُؤْتَوْا بِشَىْءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ وَكَانَ قَتَلَ رَجُلاً عَظِيمًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ فَبَعَثَ اللَّهُ لِعَاصِمٍ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَقْطَعُوا مِنْهُ شَيْئًا. وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: ذَكَرُوا مُرَارَةَ بْنَ الرَّبِيعِ الْعَمْرِيَّ وَهِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيَّ رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا.

وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: (حدّثنا إبراهيم) بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: (أخبرنا ابن شهاب) الزهري (قال: أخبرني) بالإفراد (عمر بن أسيد بن جارية) بضم العين في الأول. وعن ابن السكن عمير بالتصغير والأول أصح وبفتح الهمزة وكسر المهملة بعدها تحتية ساكنة في الثاني وبالجيم في الثالث، وللأصيلي وابن عساكر وأبي ذر عن المستملي والكشميهني: عمرو بفتح العين، وللأصيلي وابن عساكر وأبي ذر عن المستملي: ابن أسيد، ولأبي ذر عن الحموي: ابن أبي أسيد بزيادة أبي، وفي الفتح عن الكشميهني: عمرو بن جارية فنسبه إلى جده، وسبق في باب: هل يستأسر الرجل من كتاب الجهاد عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن جارية (الثقفي) بالمثلثة (حليف بني زهرة) بضم الزاي وسكون الهاء (وكان) عمر (من أصحاب أبي هريرة ) أنه (قال: بعث رسول الله عشرة) من الرجال (عينًا) نصب بدلاً من عشرة أي جاسوسًا سبق تسمية بعضهم في الجهاد وهو: مرثد الغنوي، وخالد بن البكير الليثي، وعاصم بن ثابت أميرهم، وخبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة، وعبد الله بن طارق، ومعتب بن عبيد البلوي (وأمّر) بتشديد الميم (عليهم عاصم بن ثابت) بالمثلثة ابن أبي الأقلح (الأنصاري جد عاصم بن عمر بن الخطاب) لأمه واسمها جميلة بفتح الجيم (حتى إذا كانوا بالهدة) بفتح الهاء والدال المهملة المشددة بلا همز ولأبي ذر والأصيلي بالهدأة بفتح الدال مخففة بعدها همزة مفتوحة وفي نسخة صحيحة كما قال في اليونينية بالهدأة بتسكين الدال مع الهمزة موضع (بين عسفان ومكة ذكروا) بضم المعجمة (لحيّ من هذيل) بضم الهاء وفتح المعجمة (يقال لهم: بنو لحيان) بكسر اللام مصححًا عليها في الفرع كأصله وحكى فتحها ابن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر (فنفروا لهم) بتخفيف الفاء وتشدد أي استنجدوا لهم (بقريب من مائة رجل رام) بالنبل (فاقتصوا) بالقاف والصاد المهملة أي اتبعوا (آثارهم حتى وجدوا مأكلهم) في مكان أكلهم (التمر في منزل نزلوه فقالوا): بالفاء ولأبي ذر عن الكشميهني قالوا وللحموي والمستملي فقال أي القوم هذا (ثمر يثرب) بالمثلثة (فاتبعوا آثارهم فلما حس) صوابه كما قال السفاقسي: أحس رباعيًا أي علم (بهم عاصم وأصحابه لجأوا إلى موضع فأحاط بهم القوم فقالوا):

أي بنو لحيان (لهم) لعاصم وأصحابه (أنزلوا) وسقط لأبي ذر لفظ لهم (فأعطوا بأيديكم) بقطع همزة فاعطوا وحذف المفعول الأول أي انقادوا وسلموا ولأبي ذر عن الكشميهني فاعطونا (ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدًا، فقال عاصم بن ثابت) لأصحابه (أيها القوم أما) بتشديد الميم (أنا فلا أنزل في ذمة كافر) أي في عهده (اللهم) ولغير أبي ذر ثم قال: اللهم (أخبر) بقطع الهمزة وكسر الموحدة (عنا نبيك ) سقطت التصلية لأبي ذر (فرموهم) بضم الميم في اليونينية وفرعها أي رمى الكفار المسلمين (بالنبل) بفتح النون وسكون الموحدة بالسهام العريية (فقتلوا) أمير القوم (عاصمًا) زاد في الجهاد في سبعة أي من

<<  <  ج: ص:  >  >>