النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (قد سألناه صدقة) مفعول ثان لسأل زاد الواقدي ونحن لا نجد ما نأكل (وإنه قد عنّانا) بفتح العين وتشديد النون الأولى أتعبنا وكلفنا المشقّة (وإني قد أتيتك أستسلفك قال) كعب: (وأيضًا) أي زيادة على ما ذكرت (والله لتملنه) بفتح الفوقية والميم وضم اللام وفتح النون المشددتين أي لتزيدن ملالتكم وضجركم (قال) محمد بن مسلمة: (إنا قد اتبعناه فلا نحب أن ندعه) أي نتركه (حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه) أي حاله (وقد أردنا أن تسلفنا وسقًا أو وسقين) بفتح الواو وكسرها والوسق كما في القاموس وغيره حمل بعير وهو ستون صاعًا والصاع أربعة أمداد كل مد رطل
وثلث، والشك من الراوي عليّ بن المديني كما قاله ابن حجر أو سفيان كما قاله الكرماني.
(وحدّثنا عمرو) هو ابن دينار (غير مرة فلم يذكر وسقًا أو وسقين فقلت له فيه) في الحديث (وسقًا أو وسقين) بنصبهما على الحكاية ولأبوي ذر والوقت وسق أو وسقان (فقال): أي عمرو (أرى) بضم الهمزة أي أظن (فيه) في الحديث (وسقًا أو وسقين فقال) كعب: (نعم ارهنوني) بهمزة وصل وفتح الهاء كاللاحقين وفي الفرع الأولى بهمزة قطع وكسر الهاء أي أعطوني رهنًا على التمر الذي تريدونه (فقالوا أي شيء تريد) أن نرهنك (قال: ارهنوني) بألف الوصل وفتح الهاء في الفرع كأصله (نساءكم. قالوا: كيف نرهنك نساءنا) بفتح حرف المضارعة لأن ماضيه رهن ثلاثي قيل وفيه لغة أرهن (وأنت أجمل العرب) والنساء يملن إلى الصور الجميلة. زاد ابن سعد من مرسل عكرمة ولا نأمنك وأي امرأة تمتنع منك لجمالك (قال: فارهنوني أبناءكم. قالوا: كيف نرهنك أبناءنا فيسب) بضم التحتية وفتح المهملة (أحدهم) بالرفع مفعولاً نائبًا عن فاعله (فيقال رهن) بضم الراء وكسر الهاء (بوسق أو وسقين هذا عار علينا ولكنا نرهنك اللأمة) بالهمزة وإبدالها ألفًا.
(قال سفيان) بن عيينة: (يعني) باللأمة (السلاح) والذي قاله أهل اللغة أنها الدرع فيكون إطلاق السلاح عليها من إطلاق اسم الكل على البعض ومراده أن لا ينكر كعب السلاح عليهم إذا أتوه وهو معهم كما في رواية الواقدي (فواعده أن يأتيه فجاءه) محمد بن مسلمة (ليلاً ومعه أبو نائلة) بنون وبعد الألف همزة سلكان بن سلامة (وهو أخو كعب من الرضاعة) ونديمه في الجاهلية (فدعاهم إلى الحصن فنزل إليهم) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فنزل إلينا.
وعند ابن إسحاق وأبي عمر أن محمد بن مسلمة والأربعة المذكورين قدموا إلى كعب قبل أن يأتوا أبا نائلة سلكان فلما أتاه قال له: ويحك يا ابن الأشرف إنني قد جئتك لحاجة أريد ذكرها لك فاكتم عني. قال: افعل. قال: كان قدوم هذا الرجل علينا بلاء من البلاء عادتنا العرب ورمتنا عن قوس واحدة وقطعت عنا السبل حتى جاع العيال وجهدت الأنفس وأصبحنا قد جهدنا وجهد عيالنا، فقال كعب: أنا ابن الأشرف أما والله لقد كنت أخبرك يا ابن أم سلامة أن الأمر سيصير إلى ما أقول. فقال سلكان: إني قد أردت أن تبيعنا طعامًا ونرهنك ونوثق لك. قال: أترهنوني أبناءكم ونساءكم؟ قال: لقد أردت أن تفضحنا أنت أجمل العرب وكيف نرهنك نساءنا أم كيف نرهنك أبناءنا فيعير أحدهم فيقال: رهن بوسق أو وسقين إن معي أصحابًا على مثل رأيي وقد أردت أن آتيك بهم فتبيعهم وتحسن في ذلك ونرهنك من الحلقة ما فيه وفاء. فقال: إن في الحلقة لوفاء فرجع أبو نائلة إلى أصحابه وأخبرهم الخبر وأمرهم أن يأخذوا السلاح ويأتوا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ففعلوا واجتمعوا عند رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فمشى معهم إلى بقيع الفرقد ثم وجههم وقال: انطلقوا على اسم الله. وقال: اللهم أعِنهم ورجع عنهم وكانت ليلة مقمرة حتى انتهوا إلى حصنه فهتف به أبو نائلة اهـ.
ففيه أن الذي خاطب كعبًا بذلك أولاً هو أبو نائلة وهو الذي هتف به وهو مخالف لرواية
الصحيح من أنه محمد بن مسلمة فيحتمل كما في الفتح أن يكون كل منهما كلّمه في ذلك. وقال في المصابيح: إنه محمد بن مسلمة وكلامه مع كعب كان أولاً عند المفاوضة في حديث الاستسلاف وركونه