للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غزوة (الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون) بكسر الفاء حال كونهم (في غداة باردة فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك) الحفر (لهم فلما رأى ما بهم من النصب) بفتح النون والصاد المهملة أي التعب (والجوع قال): ولأبي ذر والوقت فقال محثًا لهم على العمل:

(اللهم إن العيش) المعتبر الدائم (عيش الآخرة) لا عيش الدنيا (فاغفر للأنصار) بهمزة قطع (والمهاجرة) بكسر الجيم وسكون الهاء فيهما (فقالوا): أي الأنصار والمهاجرة حال كونهم (مجيبين له: نحن الذين بايعوا محمدا .. على الجهاد ما بقينا أبدا).

٤١٠٠ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: جَعَلَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ وَيَنْقُلُونَ التُّرَابَ عَلَى مُتُونِهِمْ وَهُمْ يَقُولُونَ:

نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا … عَلَى الإِسْلَامِ مَا بَقِينَا أَبَدَا

قَالَ: يَقُولُ النَّبِيُّ : وَهْوَ يُجِيبُهُمُ:

اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَا خَيْرَ إِلاَّ خَيْرُ الآخِرَهْ … فَبَارِكْ فِي الأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ

قَالَ: يُؤْتَوْنَ بِمِلْءِ كَفَّي مِنَ الشَّعِيرِ فَيُصْنَعُ لَهُمْ بِإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ تُوضَعُ بَيْنَ يَدَيِ الْقَوْمِ وَالْقَوْمُ جِيَاعٌ، وَهْيَ بَشِعَةٌ فِي الْحَلْقِ وَلَهَا رِيحٌ مُنْتِنٌ.

وبه قال: (حدّثنا أبو معمر) عبد الله بن عمر المقعدي قال: (حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد (عن عبد العزيز عن أنس ) أنه (قال: جعل المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق حول المدينة وينقلون التراب على متونهم) جمع متن قال في القاموس: متنا الظهر مكتنفا الصلب ويؤنث.

(وهم يقولون: نحن الذين بايعوا محمدا .. على الإسلام ما بقينا أبدا. قال) أنس: (يقول النبي وهو يجيبهم):

(اللهم إنه لا خير إلا خير الآخره … فبارك في الأنصار والمهاجره)

وظاهره أنهم كانوا يجيبونه تارة ويجيبهم أخرى.

(قال): أنس بالإسناد السابق (يؤتون) بضم أوله وفتح ثالثه مبنيًا للمفعول (بملء كفي من الشعير) ولأبي ذر: من شعير وكفي بكسر الفاء على الإفراد وبفتحها على التثنية مضافًا فيهما إلى ياء المتكلم (فيصنع) أي فيطبخ (لهم بإهالة) بكسر الهمزة ودكة (سنخة) بفتح السين المهملة وكسر النون وفتح الخاء المعجمة بعدها هاء تأنيث متغيرة الريح فاسدة الطعم (توضع بين يدي القوم والقوم) أي والحال أن القوم (جياع وهي) أي الإهالة (بشعة) بفتح الموحدة وكسر الشين المعجمة بالعين المهملة (في الحلق) بالحاء المهملة أي كريهة الطعم تأخذ الحلق (ولها ريح منتن) بضم الميم وسكون النون وكسر الفوقية.

وقول صاحب التوضيح والتنقيح قيل صوابه منتنة إلا أنه يجوز في المؤنث غير الحقيقي أن يعبر عنه بالمذكر تعقبه في المصابيح بأنه ليس بمستقيم من وجهين:

أحدهما: أنه جزم بأن الصواب منتنة ومقتضاه أن التعبير بمنتن خطأ ثم قطع بأن المؤنث غير الحقيقي يجوز التعبير عنه بالمذكر فيكون التعبير بمنتن صوابًا لا خطأ ولا يكون صواب الكلمة منحصرًا في التعبير عنها بالتأنيث، والحاصل أن آخر كلامه ينقض أوله.

ثانيهما: إن جعل التعبير عن المؤنث غير الحقيقي بالمذكر على جهة الجواز ضابطًا كليًّا مقطوع ببطلانه.

فإن قلت: فما وجه ما في المتن؟ قلت: حمل الريح على العرف فعاملها معاملته اهـ.

٤١٠١ - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ جَابِرًا ، فَقَالَ: إِنَّا يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْفِرُ فَعَرَضَتْ كُدْيَةٌ شَدِيدَةٌ فَجَاءُوا النَّبِيَّ فَقَالُوا: هَذِهِ كُدْيَةٌ عَرَضَتْ فِي الْخَنْدَقِ، فَقَالَ: «أَنَا نَازِلٌ» ثُمَّ قَامَ وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ، وَلَبِثْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا نَذُوقُ ذَوَاقًا، فَأَخَذَ النَّبِيُّ الْمِعْوَلَ، فَضَرَبَ فَعَادَ كَثِيبًا أَهْيَلَ أَوْ أَهْيَمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي إِلَى الْبَيْتِ؟ فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِي رَأَيْتُ بِالنَّبِيِّ شَيْئًا، مَا كَانَ فِي ذَلِكَ صَبْرٌ فَعِنْدَكِ شَىْءٌ؟ قَالَتْ: عِنْدِي شَعِيرٌ وَعَنَاقٌ فَذَبَحْتُ الْعَنَاقَ وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ حَتَّى جَعَلْنَا اللَّحْمَ فِي الْبُرْمَةِ ثُمَّ جِئْتُ النَّبِيَّ وَالْعَجِينُ قَدِ انْكَسَرَ وَالْبُرْمَةُ بَيْنَ الأَثَافِيِّ قَدْ كَادَتْ أَنْ تَنْضَجَ فَقُلْتُ: طُعَيِّمٌ لِي فَقُمْ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ قَالَ: «كَمْ هُوَ»؟ فَذَكَرْتُ لَهُ قَالَ: «كَثِيرٌ طَيِّبٌ» قَالَ: «قُلْ لَهَا لَا تَنْزِعُ الْبُرْمَةَ وَلَا الْخُبْزَ مِنَ التَّنُّورِ حَتَّى آتِيَ، فَقَالَ: «قُومُوا» فَقَامَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ قَالَ: وَيْحَكِ جَاءَ النَّبِيُّ بِالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَمَنْ مَعَهُمْ، قَالَتْ: هَلْ سَأَلَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: «ادْخُلُوا وَلَا تَضَاغَطُوا» فَجَعَلَ يَكْسِرُ الْخُبْزَ وَيَجْعَلُ عَلَيْهِ اللَّحْمَ وَيُخَمِّرُ الْبُرْمَةَ وَالتَّنُّورَ إِذَا أَخَذَ مِنْهُ وَيُقَرِّبُ إِلَى أَصْحَابِهِ ثُمَّ يَنْزِعُ فَلَمْ يَزَلْ يَكْسِرُ الْخُبْزَ وَيَغْرِفُ حَتَّى شَبِعُوا وَبَقِيَ بَقِيَّةٌ، قَالَ: «كُلِي هَذَا وَأَهْدِي فَإِنَّ النَّاسَ أَصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ».

وبه قال: (حدّثنا خلاد بن يحيى) بن صفوان أو محمد السلمي الكوفي قال: (حدّثنا عبد الواحد بن أيمن) بفتح الهمزة والميم بينهما تحتية ساكنة (عن أبيه) أيمن الحبشي مولى ابن عمر المخزومي القرشي المكي أنه (قال: أتيت جابرًا) الأنصاري ( فقال: إنا يوم الخندق نحفر) بتشديد نون إنا (فعرضت كدية شديدة) بكاف مضمومة فدال مهملة ساكنة فتحتية قطعة صلبة من الأرض يعمل فيها المعول، ولابن عساكر وأبي ذر عن الحموي والمستملي: كتدة بفتح الكاف وسكون التحتية وفتح الدال المهملة القطعة الشديدة الصلبة من الأرض أيضًا، ولابن عساكر أيضًا كبدة بكاف فموحدة مكسورة أي قطعة من الأرض صلبة أيضًا ووقع في رواية الأصيلي عن الجرجاني فيما ذكره في فتح الباري كندة بنون بعد الكاف، وعند ابن السكن كتدة بمثناة فوقية لكن القاضي قال: عياض لا أعرف لها معنى (فجاؤوا النبي فقالوا: هذه كدية) ولابن عساكر: كبدة بكسر الموحدة كما مرّ (عرضت في الخندق فقال) :

(أنا نازل) في الموضع الذي في الكدية (ثم قام) (وبطنه معصوب) من الجوع (بحجر) مشدود عليه بعصابة خشية انحناء صلبه الكريم بواسطة خلاء الجوف إذ وضع الحجر فوق البطن مع شد العصابة عليه يقيمه أو هو لتسكين حرارة الجوع ببرد الحجر (ولبثنا) بالمثلثة مكثنا

<<  <  ج: ص:  >  >>