كذا أهلك بالرفع لأبي ذر ولغيره أهلك بالنصب أي أمسك أهلك (ولا نعلم) عليهم (إلا خيرًا، وأما عليّ فقال: يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير) بالتذكير على إرادة الجنس (وسل الجارية) بريرة ولعلها كانت تخدم عائشة ﵂ حينئذٍ قبل شرائها أو كانت اشترتها وأخرت عتقها إلى بعد الفتح (تصدقك) بالجزم على الجزاء وهي لم تعلم منها إلا البراءة فتخبرك (قالت: فدعا رسول الله ﷺ بريرة فقال):
(أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك) أي من جنس ما قيل فيها (قالت له بريرة: والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمرًا قط أغمصه) بغين معجمة وصاد مهملة أي أعيبه عليها (غير أنها) ولأبي ذر وابن عساكر من أنها (جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن) بكسر الجيم الشاة وقيل كل ما يألف البيوت شاة أو غيرها (فتأكله قالت: فقام رسول الله ﷺ من يومه فاستعذر من عبد الله بن أبي وهو على المنبر فقال: يا معشر المسلمين من يعدزني) أي من يقوم بعذري إن كافأته على قبيح فعله ولا يلمني أو من ينصرني (من رجل قد بلغني عنه أذاه في أهلي والله ما علمت على أهلي إلا خيرًا ولقد ذكروا رجلاً) هو صفوان بن المعطل (ما علمت عليه إلا خيرًا وما يدخل على أهلي إلا معي قالت: فقام سعد بن معاذ) سقط لأبي ذر وابن عساكر ابن معاذ (أخو بني عبد الأشهل فقال: أنا يا رسول الله أعذرك) بفتح الهمزة وكسر الذال المعجمة منه (فإن كان من الأوس) قبيلتنا (ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك) فيه (قالت) عائشة ﵂(فقام رجل من الخزرج وكانت أمّ حسان) بن ثابت (بنت عمه من فخذه) بالذال المعجمة (وهو سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج. قالت: وكان) ولأبي ذر فكان (قبل ذلك رجلاً صالحًا) كاملاً في الصلاح لم يتقدم منه ما يتعلق بالوقوف مع أنفة الحمية ولم تغمصه في دينه، ولكن كان بين الحيين مشاحة قبل الإسلام ثم زالت وبقي بعضها بحكم الأنفة كما قالت (ولكن احتملته) من مقالة سعد بن معاذ (الحمية) أغضبته (فقال لسعد: كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله) لأنا نمنعه منه (ولو كان من رهطك ما أحببت أن يقتل، فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد فقال لسعد بن عبادة كذبت لعمر الله لنقتلنه) ولو كان من الخزرج إذا أمرنا رسول الله ﷺ بذلك وليست لكم قدرة على منعنا، وقابل قوله لابن معاذ كذبت لا تقتله
بقوله كذبت لنقتلنه (فإنك منافق) في الود (تجادل عن المنافقين) ولم يرد نفاق الكفر بل إظهاره الود للأوس ثم ظهر منه في هذه القصة خلاف ذلك.
(قالت: فثار الحيان الأوس والخزرج) بالمثلثة أي نهض بعضهم إلى بعض من الغضب (حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله ﷺ قائم على المنبر قالت: فلم يزل رسول الله ﷺ يخفضهم حتى سكتوا وسكت)﵊(قالت: فبكيت يومي ذلك كله لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم قالت: وأصبح أبواي) أبو بكر وأم رومان (عندي وقد بكيت ليلتين ويومًا لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم حتى أني لأظن أن البكاء فالق كبدي فبينا) بغير ميم (أبواي جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنت عليّ امرأة من الأنصار) لم تسم (فأذنت لها فجلست تبكي معي) أي تفجعًا لما نزل بها (قالت: فبينا) بغير ميم (نحن على ذلك دخل رسول الله ﷺ علينا فسلم ثم جلس قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها) بفتح القاف وسكون الموحدة (وقد لبث شهرًا لا يوحى إليه في شأني) هذا (بشيء) ليعلم المتكلم من غيره (قالت: فتشهد رسول الله ﷺ حين جلس ثم قال):
(أما بعد يا عائشة بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة) مما نسبوه إليك (فسيبرئك الله)﷿ منه بوحي ينزله (وإن كنت ألممت بذنب) أي وقع منك على خلاف العادة (فاستغفري الله وتوبي إليه) منه (فإن العبد إذا اعترف) بذنبه (ثم تاب) منه (تاب الله عليه قالت فلما قضى رسول الله ﷺ مقالته قلص دمعي) بالقاف واللام