(فلما توفيت دفنها زوجها علي)﵁(ليلاً) بوصية منها كما عند ابن سعد إرادة لزيادة التستر (ولم يؤذن) بغير همزة في اليونينية وبه في الناصرية ولم يعلم (بها أبا بكر) لأنه ظن أن ذلك لا يخفى عنه وليس فيه ما يدل على أنه لم يعلم بموتها ولا صلّى عليها (وصلّي عليها) أي علي، وعند ابن سعد أن العباس صلّى عليها (وكان لعلي من الناس وجه) أي يحترمونه (حياة فاطمة) إكرامًا لها (فلما توفيت استنكر عليّ وجوه الناس) لأنهم قصروا عن ذلك الاحترام لاستمراره على عدم مبايعته أبي بكر وكانوا يعذرونه أيام حياتها عن تأخره عن ذلك باشتغاله بها وتسلية خاطرها (فالتمس) علي (مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن يبايع) أبا بكر (تلك الأشهر) الستة إما لاشتغاله بفاطمة كما مرّ أو اكتفاء بمن بايعه إذ لا يشترط استيعاب كل أحد بل يكفي الطاعة والانقياد (فأرسل) علي (إلى أبي بكر) الصديق ﵁(أن ائتنا ولا يأتنا أحد معك كراهية) منه (لمحضر عمر) مصدر ميمي بمعنى الحضور، ولأبي ذر ليحضر عمر وذلك لما عرفوه من قوة عمر وصلابته في القول والفعل فربما تصدر منه معاتبة تفضي إلى خلاف ما قصدوه من المصافاة (فقال عمر): لما بلغه ذلك لأبي بكر (لا والله لا تدخل عليهم وحدك) فربما تركوا من تعظيمك ما يجب لك (فقال أبو بكر)﵁: (وما عسيتهم) بكسر السين وفتحها (أن يفعلوا) ولأبي ذر: أن يفعلوه (بي) أي علي ومن معه.
قال ابن مالك: فيه شاهد على صحة تضمين بعض الأفعال معنى فعل آخر وإجرائه مجراه في التعدية فإن عسى في هذا الكلام قد تضمنت معنى حسب وأجريت مجراها فنصبت ضمير
الغائبين على أنه مفعول أول ونصبت أن يفعلوا تقديرًا على أنه مفعول ثان وكان حقه أن يكون عاريًا من أن كما لو كان بعد حسب، ولكن جيء بأن لئلا تخرج عسى بالكلية عن مقتضاها، ولأن أن قد تسد بصلتها مسد مفعولي حسب فلا يستبعد مجيئها بعد المفعول الأول بدلاً منه وسادة مسد ثاني مفعوليها. قال: ويجوز جعل تاء عسيتم حرف خطاب، والهاء والميم اسم عسى والتقدير ما عساهم أن يفعلوا بي وهو وجه حسن.
(والله لآتينهم فدخل عليهم أبو بكر فتشهد عليّ فقال: إنّا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله ولم ننفس عليك خيرًا ساقه الله إليك) بفتح فاء ننفس أي لم نحسدك على الخلافة (ولكنك استبددت) بدالين إحداهما مفتوحة والأخرى ساكنة (علينا بالأمر) أي لم تشاورنا في أمر الخلافة (وكنا نرى) بفتح النون في الفرع كأصله وبالضم (لقرابتنا من رسول الله ﷺ نصيبًا) من المشاورة ولم يزل علي ﵁ يذكر له ذلك (حتى فاضت عينا أبي بكر) من الرقة (فلما تكلم أبو بكر قال: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله ﷺ أحبّ إليّ أن أصل من قرابتي، وأما الذي شجر بيني وبينكم) أي وقع فيه التنازع والاختلاف (من هذه الأموال) التي تركها النبي ﷺ، من فدك وغيرها (فلم) ولأبوي ذر والوقت فإني لم (آل) بمد الهمزة وضم اللام لم أقصر (فيها) في الأموال (عن الخير ولم أترك أمرًا رأيت رسول الله ﷺ يصنعه فيها إلا صنعته. فقال عليّ لأبي بكر: موعدك العشية) بالفتح على الظرفية أو الرفع خبر المبتدأ أي بعد الزوال (للبيعة، فلما صلّى أبو بكر الظهر رقي) بكسر القاف أي علا (المنبر فتشهد وذكر شأن عليّ وتخلفه عن البيعة وعذره) بفتحات بصيغة الماضي بوزن نهره أي قبل عذره ولغير أبي ذر عذره بضم العين وسكون المعجمة (بالذي اعتذر إليه ثم استغفر وتشهد عليّ)﵁(فعظم) ولأبي ذر عن الكشميهني وعظم (حق أبي بكر) زاد مسلم وذكر فضله وسابقته في الإسلام ثم مضى إلى أبي بكر فبايعه (وحدث أنه لم يحمله على الذي صنع) من التأخر (نفاسة على أبي بكر) أي حسدًا (ولا إنكارًا للذي فضله الله به ولكنا كنا نرى) بفتح النون فقط في اليونينية وفي غيرها بضمها (لنا في هذا الأمر) أي أمر الخلافة