(قال) العباس (هؤلاء الأنصار عليهم سعد بن عبادة معه الراية) التي للأنصار (فقال سعد بن عبادة) حامل راية الأنصار (يا أبا سفيان اليوم) بالرفع ولأبوي ذر والوقت اليوم بالنصب (يوم الملحمة) بفتح الميم وسكون اللام وبالحاء المهملة أي يوم حرب لا يوجد فيه مخلص أو يوم القتل، والمراد المقتلة العظمى (اليوم) نصب على الظرفية (تستحل) بضم الفوقية الأولى وفتح الثانية والحاء المهملة مبنيًّا للمفعول (الكعبة. فقال أبو سفيان: يا عباس حبذا يوم الذمار) بالذال المعجمة المكسورة وتخفيف الميم آخره راء الهلاك أو حين الغضب للحرم والأهل يعني الانتصار لمن بمكة قاله غلبة وعجزًا. وقيل: أراد حبذا يوم يلزمك فيه حفظي وحمايتي عن المكروه، وفي مغازي الأموي أن أبا سفيان قال للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما حاذاه: أمرت بقتل قومك. قال: لا، فذكر له ما قال سعد بن عبادة ثم ناشده الله والرحم فقال:"يا أبا سفيان اليوم يوم المرحمة اليوم يعز الله قريشًا" وأرسل إلى سعد فأخذ الراية منه ودفعها إلى ابنه قيس.
(ثم جاءت كتيبة وهي أقل الكتائب) عددًا (فيهم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه) من المهاجرين وكان الأنصار أكثر عددًا منهم. وعند الحميدي في مختصره وهي أجل الكتائب بالجيم بدل القاف من الجلالة. قال القاضي عياض في المشارق: وهي أظهر اهـ. وكل منهما ظاهر لا خفاء فيه ولا ريب كما في المصابيح أن المراد قلة العدد لا الاحتقار هذا ما لا يظن بمسلم اعتقاده ولا توهمه، فهو وجه لا محيد عنه ولا ضير فيه بهذا الاعتبار والتصريح بأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان في هذه الكتيبة التي
هي أقل عددًا مما سواها من الكتائب قاض بجلالة قدرها وعظم شأنها ورجحانها على كل شيء سواها، ولو كان ملء الأرض بل وأضعاف ذلك فما هذا الذي يشم من نفس القاضي في هذا المحل اهـ.
(وراية النبي) وللأصيلي وراية رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع الزبير بن العوّام) -رضي الله عنه- (فلما مرّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأبي سفيان قال) لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (ألم تعلم ما قال سعد بن عبادة؟ قال) عليه الصلاة والسلام: (ما قال)؟ سعد (قال) أبو سفيان (قال): وسقط من اليونينية إحدى قال: (كذا وكذا) أي اليوم يوم الملحمة (فقال) عليه الصلاة والسلام: (كذب سعد) في إطلاق الكذب على الأخبار بغير ما سيقع ولو بناه قائله على غلبة الظن وقوّة القرينة (ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة) أي بإظهار الإسلام وأذان بلال على ظهرها وإزالة ما كان فيها من الأصنام ومحو الصور التي كانت فيها وغير ذلك (ويوم تكسى فيه الكعبة) لأنهم كانوا يكسونها في مثل ذلك اليوم (قال) عروة: (وأمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن تركز رايته بالحجون) بالحاء المهملة المفتوحة والجيم المخففة المضمومة موضع قريب من مقبرة مكة.
(قال) ولأبي ذر وقال: (عروة) بن الزبير بالسند السابق (وأخبرني) بالإفراد والواو في اليونينية وفي غيرها بالفاء (نافع بن جبير بن مطعم قال: سمعت العباس) أي بعد فتح مكة (يقول للزبير بن العوّام: يا أبا عبد الله هاهنا أمرك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن تركز) بفتح الفوقية وضم الكاف (الراية قال: وأمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومئذٍ خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كداء) بفتح الكاف والمد (ودخل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من كدى) بضم الكاف والقصر وهذا مخالف للأحاديث الصحيحة الآتية إن شاء الله تعالى أن خالدًا دخل من أسفل مكة والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أعلاها (فقتل) بضم القاف وكسر التاء (من خيل خالد يومئذٍ) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر خالد بن الوليد -رضي الله عنه- يومئذٍ (رجلان حبيش بن الأشعر) بحاء مهملة مضمومة فموحدة مفتوحة فتحتية ساكنة فشين معجمة وهو لقبه واسمه خالد بن سعد والأشعر بشين معجمة وعين مهملة الخزاعي وهو أخو أم معبد التي مر بها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مهاجرًا (وكرز بن جابر) بضم الكاف بعدها راء ساكنة فزاي