للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مجيبًا للسائل بجواب بديع متضمن لإثبات الفرار لهم لكن لا على جهة التعميم (أما النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلا) أي لم يفرّ (كانوا) أي هوازن (رماة) فرشقوا بالنبل رشقًا فولينا (فقال) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو ثابت لم يبرح:

(أنا النبي لا كذب) أي لست بكاذب فيما أقول حتى انهزم بل أنا متيقن بنصر الله عز وجل (أنا ابن عبد المطلب) فانتسب إلى جده دون أبيه عبد الله لشهرته لما رزقه من نباهة الذكر والسيادة وطول العمر ولذا كان كثير من العرب يدعونه ابن عبد المطلب كما في قصة ضمام بن ثعلبة، وقد قيل: إنه اشتهر عندهم أن عبد المطلب يخرج من ظهره رجل يدعو إلى الله تعالى فأراد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يذكر أصحابه بذلك، وأنه لا بد من ظهوره على أعدائه وأن العاقبة له لتقوى بهم نفوسهم.

٤٣١٧ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ فَقَالَ: لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَفِرَّ، كَانَتْ هَوَازِنُ رُمَاةً وَإِنَّا لَمَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِمِ انْكَشَفُوا، فَأَكْبَبْنَا عَلَى الْغَنَائِمِ فَاسْتُقْبِلْنَا بِالسِّهَامِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ آخِذٌ بِزِمَامِهَا وَهْوَ يَقُولُ:

أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ

قَالَ إِسْرَائِيلُ وَزُهَيْرٌ: نَزَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ بَغْلَتِهِ.

وبه قال: (حدثني) بالإفراد (محمد بن بشار) بندار العبدي قال: (حدّثنا غندر) محمد بن

جعفر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي إسحاق) عمرو السبيعي أنه (سمع البراء) بن عازب (وسأله رجل من قيس) لم يعرف الحافظ ابن حجر اسمه (أفررتم عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم حنين؟ فقال) البراء: فررنا (لكن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وفي اليونينية وفرعها: لكن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالرفع والنصب (لم يفرّ) بل ثبت وثبت معه أربعة نفر، ثلاثة من بني هاشم ورجل من غيرهم علي والعباس بين يديه وأبو سفيان بن الحارث آخذ بالعنان وابن مسعود من الجانب. رواه ابن أبي شيبة من مرسل الحكم بن عتيبة، وعند الترمذي بإسناد حسن من حديث ابن عمر: لقد رأيتنا يوم حنين وأن الناس لمولون وما مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مائة رجل. وعند أحمد والحاكم عن ابن مسعود فولى الناس عنه ومعه ثمانون رجلاً من المهاجرين والأنصار، ولعل الإمام النووي لم يقف على هذه الروايات حيث قال: إن تقدير الكلام أفررتم كلكم؟ فيدخل فيه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال البراء: لا والله لم يفرّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولكن (كانت هوازن رماة، وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا) أي انهزموا (فأكببنا) بموحدتين الأولى مفتوحة والثانية ساكنة بعدها نون أي وقعنا (على الغنائم) وفي الجهاد فأقبل الناس على الغنائم (فاستقبلنا) بضم التاء وكسر الموحدة أي استقبلهم هوازن (بالسهام) أي فولينا قال الطبري: الانهزام المنهي عنه هو ما يقع عن غير نيّة العود وأما الاستطراد للكرة فهو كالمتحيز إلى فئة (ولقد رأيت رسول الله) ولأبي ذر: النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على بغلته البيضاء) وعند مسلم من حديث سلمة على بغلته الشهباء. وعند ابن سعد ومن تبعه على بغلته دلدل.

وقال الحافظ ابن حجر: وفيه نظر لأن دلدل أهداها له المقوقس يعني لأنه ثبت في صحيح مسلم من حديث العباس وكان على بغلة بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي. قال القطب الحلبي: فيحتمل أن يكون يومئذ ركب كلاًّ من البغلتين إن ثبت أنها كانت صحبته وإلاّ فما في الصحيح أصح اهـ. وفي ركوبه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- البغلة يومئذ دلالة على فرط شجاعته وثباته.

(وأن أبا سفيان) زاد أبو ذر ابن الحارث (آخذ) كذا في اليونينية وغيرها وفي الفرع لآخذ (بزمامها) وفي مسلم عن العباس: ولى المسلمون مدبرين فطفق رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يركض بغلته قبل الكفار. قال العباس: وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أكفها إرادة أن لا تسرع، وأبو سفيان آخذ بركابه فلعلهما تناوبا ذلك (وهو) عليه الصلاة والسلام (يقول):

(أنا النبي لا كذب) لم يذكر الشطر الثاني في هذه الرواية، وقد كان بعض أهل العلم فيما حكاه السفاقسي يفتح الباء من قوله لا كذب ليخرجه عن الوزن، وقد أجيب عن هذا: بأنه خرج منه عليه الصلاة والسلام هكذا موزونًا ولم يقصد به الشعر أو أنه لغيره وتمثل هو عليه الصلاة والسلام به وأنه كان:

أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب

فذكره بلفظ: أنا في الموضعين.

(قال إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي فيما وصله

<<  <  ج: ص:  >  >>