للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كانت يقال لها: اليمانية باعتبار كونها باليمن والشامية باعتبار أنهم جعلوا بابها مقابل الشام ويؤيد ما ذكره عياض أن في بعض الروايات اليمانية الكعبة الشامية بغير واو. قال والمعنى كان يقال لها تارة كذا وتارة كذا.

وقال السهيلي: فاللام من قوله يقال له لام العلة يعني أن وجود هذا البيت كان يقال لأجله الكعبة الشامية يريد أن السبب الحامل على وصف الكعبة الحرام بالشامية قصد تمييزها من هذا البيت الحادث الذي سموه بالكعبة اليمانية، وأما قبل وجوده فكانت الكعبة لا تحتاج إلى وصف وإذا أطلقت فلا يراد بها إلا البيت الحرام لعدم المزاحم فقد زال الإشكال.

قال: جرير (فقال لي النبي : ألا) بتخفيف اللام (تريحني) أي تريح قلبي (من ذي الخلصة) طلب بتضمن الأمر وخص جريرًا بذلك لأنها كانت في بلاد قومه (فنفرت) بالفاء المخففة بعد النون أي خرجت له مسرعًا (في مائة وخمسين راكبًا فكسرناه) أي البيت (وقتلنا من وجدنا عنده فأتيت النبي فأخبرته) بذلك (فدعا لنا ولأحمس) بالحاء والسين المهملتين بوزن أحمر وهم إخوة بجيلة رهط جرير ينتسبون إلى أحمس بن الغوث بن أنمار وبجيلة اسم امرأة نسبت إليها القبيلة المشهورة.

٤٣٥٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ، قَالَ: قَالَ

لِي جَرِيرٌ قَالَ لِي النَّبِيُّ : «أَلَا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ»؟ وَكَانَ بَيْتًا فِي خَثْعَمَ يُسَمَّى الْكَعْبَةَ الْيَمَانِيَةَ، فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، وَكُنْتُ لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ فَضَرَبَ فِي صَدْرِي حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ: «اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا» فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا فَكَسَرَهَا وَحَرَّقَهَا ثُمَّ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ قَالَ: فَبَارَكَ فِي خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا» خَمْسَ مَرَّاتٍ.

وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدثني بالإفراد (محمد بن المثنى) العنزي قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي خالد البجلي الكوفي ولأبي ذر عن إسماعيل أنه قال: (حدّثنا قيس) هو ابن أبي حازم (قال: قال لي جرير : قال لي النبي ):

(ألا تريحني من ذي الخلصة) والمراد بالراحة راحلة القلب لأنه ما كان شيء أتعب لقلبه من بقاء ما يشرك به من دون الله (وكان بيتًا في خثعم) بفتح الخاء المعجمة وسكون المثلثة بوزن جعفر قبيلة من اليمن ينسبون إلى خثعم بن أنمار بفتح الهمزة وسكون النون ابن إراش بكسر الهمزة وتخفيف الراء وبعد الألف شين معجمة ابن عنز بفتح العين المهملة وسكون النون آخره زاي (يسمى الكعبة) ولأبي ذر كعبة (اليمانية فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس) سقط من أحمس لأبي ذر (وكانوا) أي أحمس (أصحاب خيل) أي لهم ثبات عليها (وكنت لا أثبت على الخيل فضرب) (في) ولأبي ذر على (صدري حتى رأيت أثر أصابعه في صدري) وعند الحاكم من حديث البراء فشكا جرير إلى رسول الله القلع أي بالقاف واللام المفتوحتين عدم الثبات على السرج فقال: "ادن مني" فدنا منه فوضع يده على رأسه ثم أرسلها على وجهه وصدره حتى بلغ عانته ثم وضع يده على رأسه وأرسلها على ظهره حتى انتهيت إلى أليته (وقال: اللهم ثبته واجعله هاديًا مهديًا) قيل فيه تقديم وتأخير لأنه لا يكون هاديًا حتى يكون مهديًا وقيل معناه كاملاً مكملاً (فانطلق) جرير ومن معه (إليها) إلى ذي الخلصة (فكسرها وحرقها) بتشديد الراء أي هدم بناءها ورمى النار في أخشابها (ثم بعث إلى رسول الله ) يخبره بذلك وفي السابقة أن جريرًا هو الذي أخبر النبي بذلك وهو محمول على المجاز (فقال رسول جرير: والذي بعثك بالحق ما جئتك حتى تركتها) أي ذا الخلصة (كأنها جمل أجرب) بالجيم والراء والموحدة أي سوداء من التحريق كالجمل الأجرب إذا طلي بالقطران أو هو كناية عن إذهاب بهجتها (قال: فبارك) (في خيل أحمس ورجالها خمس مرات).

وهذا الحديث سبق في باب البشارة بالفتوح من الجهاد.

٤٣٥٧ - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسٍ

عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ : «أَلَا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ»؟ فَقُلْتُ: بَلَى، فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، وَكُنْتُ لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ فَضَرَبَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِي حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ يَدِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ: «اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا» قَالَ: فَمَا وَقَعْتُ عَنْ فَرَسٍ بَعْدُ، قَالَ: وَكَانَ ذُو الْخَلَصَةِ بَيْتًا بِالْيَمَنِ لِخَثْعَمَ وَبَجِيلَةَ، فِيهِ نُصُبٌ يُعْبَدُ يُقَالُ لَهُ: الْكَعْبَةُ، قَالَ: فَأَتَاهَا فَحَرَّقَهَا بِالنَّارِ وَكَسَرَهَا، قَالَ: وَلَمَّا قَدِمَ جَرِيرٌ الْيَمَنَ كَانَ بِهَا رَجُلٌ يَسْتَقْسِمُ بِالأَزْلَامِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ هَا هُنَا فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْكَ ضَرَبَ عُنُقَكَ قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ يَضْرِبُ بِهَا إِذْ وَقَفَ عَلَيْهِ جَرِيرٌ، فَقَالَ: لَتَكْسِرَنَّهَا وَلَتَشْهَدًا أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ أَوْ لأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ، قَالَ: فَكَسَرَهَا وَشَهِدَ ثُمَّ بَعَثَ جَرِيرٌ رَجُلاً مِنْ أَحْمَسَ يُكْنَى أَبَا أَرْطَاةَ إِلَى النَّبِيِّ يُبَشِّرُهُ بِذَلِكَ فَلَمَّا أَتَى النَّبِيَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا جِئْتُ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ قَالَ: فَبَرَّكَ النَّبِيُّ عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ.

وبه قال: (حدّثنا يوسف بن موسى) بن راشد القطان الكوفي قال: (أخبرنا) ولأبي ذر حدّثنا (أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن إسماعيل بن أبي خالد) البجلي (عن قيس) هو ابن أبي حازم (عن جرير) أنه (قال: قال لي رسول الله ):

(ألا تريحني من ذي الخلصة فقلت: بلى) يا رسول الله (فانطلقت) إليها (في خمسين ومائة فارس من أحمس وكانوا أصحاب خيل وكنت لا أثبت على الخيل

<<  <  ج: ص:  >  >>