للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا نصل إليك إلا في أشهر الحرم) لحرمة القتال فيها عندهم (حدّثنا) بكسر الدال المشدّدة بصيغة الطلب (بجمل من الأمر إن عملنا به) أي بالأمر (دخلنا الجنة) برحمة الله (وندعو به من وراءنا) من قومنا الذين خلفناهم في بلادنا (قال: آمركم بأربع) أي بأربع جُمل (وأنهاكم عن أربع: الإيمان بالله) بالجرّ بدلاً من أربع الأولى (هل تدرون ما الإيمان بالله) قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: هو (شهادة أن لا إله إلا الله) زاد في الإيمان وأن محمدًا رسول الله (وإقام الصلاة) إنما ذكر الشهادة تبركًا بها لأنهم كانوا مسلمين مقرين بكلمتي الشهادة لكن ربما كانوا يظنون أن الإيمان مقصور عليهما كما كان ذلك في ابتداء الإسلام فالمراد إقام الصلاة وما يليها وهو قوله: (وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأن تعطوا من المغانم الخمس) ولم يذكر الحج لكونه على التراخي أو لعدم استطاعتهم له من أجل كفار مضر أو لم يكن فرض أو لم يقصد إعلامهم بجميع الأحكام التي يجب عليهم فعلاً أو تركًا، ولذلك اقتصر في المناهي على الانتباذ، وأما في الصيام من سنن البيهقي الكبرى من زيادة ذكر الحج فهي رواية شاذة، وأبو قلابة الرقاشي المذكور في سنده تغير حفظه في آخر أمره، فلعل هذا مما حدث به في التغير والله أعلم.

(وأنهاكم عن أربع ما انتبذ) وفي الإيمان من الانتباذ وهي من إطلاق المحل وإرادة الحال كما صرح به في رواية هذا الباب كرواية النساني ما ينتبذ (في الدباء) اليقطين (والنقير) وهو أصل النخلة ينقر فيتخذ منه وعاء (والحمم) بالحاء المهملة والنون والفوقية الجرة الخضراء (والمزفت) المطلي بالزفت واقتصر من المناهي على هذه الأربعة لكثرة تعاطيهم لها.

٤٣٦٩ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى النَّبِيِّ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا هَذَا الْحَيَّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَقَدْ حَالَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ فَلَسْنَا نَخْلُصُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ، فَمُرْنَا بِأَشْيَاءَ نَأْخُذُ بِهَا وَنَدْعُو إِلَيْهَا مَنْ وَرَاءَنَا قَالَ: «آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: الإِيمَانِ بِاللَّهِ، شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَعَقَدَ وَاحِدَةً، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا لِلَّهِ خُمْسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالْمُزَفَّتِ».

وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: (حدّثنا حماد بن زيد بن أبي جمرة) بالجيم الضبعي أنه قال: (سمعت ابن عباس) (يقول: قدم وفد عبد القيس على النبي فقالوا: يا رسول الله إنّا هذا الحي من ربيعة) والحي اسم لمنزلة القبيلة ثم سميت القبيلة به لأن بعضهم يحيا ببعض (وقد حالت بيننا وبينك كفار مضر فلسنا نخلص) بضم اللام (إليك إلا في شهر حرام فمرنا) بضم الميم أصله أؤمرنا بهمزتين فحذفت الهمزة الأصلية للاستثقال فصار أمرنا فاستغنى عن همزة الوصل فحذفت فبقي مر على وزن عل لأن المحذوف فاء الفعل (بأشياء نأخذ بها وندعو إليها من وراءنا) أي خلفنا من قولنا (قال) :

(آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع: الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله) أي وأن محمدًا رسول الله كما صرح به في رواية أخرى والاقتصار على الأولى لكونها صارت علمًا عليهما. وفي الزكاة وشهادة بزيادة واو وهي زيادة شاذة لم يتابع عليها حجاج بن منهال أحد (وعقد) بيده (واحدة) وهذا يدل على أن الشهادة إحدى الأربع (وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأن تؤدوا لله خمس ما غنمتم) ولم يذكر الصوم وسقط لفظ لله في الفرع وثبت في الأصل وفي نسخة إلى الله (وأنهاكم عن) الانتباذ أو المنبوذ في (الدباء والنقير والحنتم والمزفت).

وفي مسند أبي داود الطيالسي بإسناد حسن عن أبي بكرة قال: أما الدباء فإن أهل الطائف كانوا يأخذون القرع فيخرطون فيه العنب ثم يدفنونه حتى يهدر ثم يموت، وأما النقير فإن أهل اليمامة كانوا ينقرون أصل النخلة ثم ينبذون الرطب والبسر ثم يدعونه حتى يهدر ثم يموت، وأما الحنتم فجرار يحمل إلينا فيها الخمر، وأما المزفت فهذه الأوعية التي فيها الزفت. وتفسير الصحابي أولى أن يعتمد عليه من غيره لأنه أعلم بالمراد ومعنى النهي عن الانتباذ في هذه الأوعية بخصوصها أنه يسرع إليها الإسكار، فربما شرب منها من لم يشعر بذلك ثم ثبتت الرخصة في الانتباذ في كل وعاء مع النهي عن شرب كل مسكر، كما سيأتي البحث فيه في كتاب الأشربة إن شاء الله تعالى.

٤٣٧٠ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرَ: عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرٍ أَنَّ كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ

أَزْهَرَ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَرْسَلُوا إِلَى عَائِشَةَ فَقَالُوا: اقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنَّا جَمِيعًا وَسَلْهَا عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَإِنَّا أُخْبِرْنَا أَنَّكِ تُصَلِّيهَا وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ نَهَى عَنْهَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَكُنْتُ أَضْرِبُ مَعَ عُمَرَ النَّاسَ عَنْهُمَا، قَالَ كُرَيْبٌ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا وَبَلَّغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِي فَقَالَتْ: سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ، فَأَخْبَرْتُهُمْ فَرَدُّونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِي إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَنْهَى عَنْهُمَا وَإِنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَصَلاَّهُمَا فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الْخَادِمَ فَقُلْتُ قُومِي إِلَى جَنْبِهِ فَقُولِي تَقُولُ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَمْ أَسْمَعْكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ فَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخِرِي فَفَعَلَتِ الْجَارِيَةُ فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ سَأَلْتِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ؟ إِنَّهُ أَتَانِي أُنَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِالإِسْلَامِ مِنْ قَوْمِهِمْ فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ».

وبه قال: (حدّثنا يحيى بن سليمان) الجعفي الكوفي سكن مصر قال: (حدثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا (ابن وهب) عبد الله المصري قال: (أخبرني) بالإفراد (عمرو) بفتح العين ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>