للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شعبة فلم آته حتى صليت ثم أتيته (فقلت: يا رسول الله إني كنت أصلي فقال):

(ألم يقل الله: {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم}) [الأنفال: ٢٤] زاد أبو ذر {لما يحييكم} واستدل به على أن إجابته واجبة يعصي المرء بتركها. وهل تبطل الصلاة أم لا؟ صرح جماعة من أصحابنا الشافعية وغيرهم بعدم البطلان، وأنه حكم مختص به -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فهو مثل خطاب المصلي له بقوله: السلام عليك أيها النبي، ومثله لا يبطل الصلاة. وفيه بحث لاحتمال أن تكون إجابته واجبة سواء كان المخاطب في الصلاة أم لا. أما كونه يخرج بالإجابة من الصلاة أو لا يخرج، فليس في الحديث ما يستلزمه فيحتمل أن تجب الإجابة، ولو خرج المجيب من الصلاة وإلى ذلك جنح بعض الشافعية. (ثم قال لي) عليه الصلاة والسلام: (لأعلمنك سورة هي أعظم السور) وفي نسخة: هي أعظم سورة (في القرآن) لعظم قدرها بالخاصية التي لم يشاركها فيها غيرها من السور لاشتمالها على فوائد ومعان كثيرة مع وجازة ألفاظها، واستدلّ به على جواز تفضيل بعض القرآن على بعض، وهو محكي عن أكثر العلماء كابن راهويه وابن العربي، ومنع من ذلك الأشعري والباقلاني وجماعة لأن المفضول ناقص عن درجة الأفضل وأسماء الله تعالى وصفاته وكلامه لا نقص فيها. وأجيب: بأن التفضيل إنما هو بمعنى أن ثواب بعضه أعظم من بعض، فالتفضيل إنما هو من حيث المعاني لا من حيث الصفة.

وفي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عند الحاكم. "أتحب أن أعلمك سورة لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها" (قبل أن تخرج) بالفوقية في اليونينية (من المسجد ثم أخذ بيدي) بالإفراد (فلما أراد أن يخرج) من المسجد (قلت له): زاد أبو هريرة يا رسول الله (ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن؟ قال: {الحمد لله رب العالمين}) [الفاتحة: ١] خبر مبتدأ محذوف أي هي كما صرح بها في رواية معاذ في تفسير الأنفال (هي السبع) لأنها سبع آيات كسورة الماعون لا ثالث لهما وقيل للفاتحة (المثاني) لأنهما تثنى على مرور الأوقات أي تكرر فلا تنقطع وتدرس فلا تندرس، وقيل لأنها تثنى في كل ركعة أي تعاد أو أنها

يثنى بها على الله، أو استثنيت لهذه الأمة لم تنزل على من قبلها. فإن قيل: في الحديث السبع المثاني، وفي القرآن سبعًا من المثاني أجيب: بأنه لا اختلاف بين الصيغتين إذا جعلنا من للبيان (والقرآن العظيم الذي أوتيته).

قال التوربشتي: إن قيل كيف صح عطف القرآن على السبع المثاني وعطف الشيء على نفسه مما لا يجوز؟ قلنا: ليس كذلك، وإنما هو من باب ذكر الشيء بوصفين. أحدهما: معطوف على الآخر والتقدير آتيناك ما يقال له السبع المثاني والقرآن العظيم أي الجامع لهذين النعتين. وقال الطيبي: عطف القرآن على السبع المثاني المراد منه الفاتحة وهو من باب عطف العام على الخاص تنزيلًا للتغاير في الوصف منزلة التغاير في الذات، وإليه أومأ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقوله: "ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن" حيث نكر السورة وأفردها ليدل على أنك إذا تقصيت سورة سورة في القرآن وجدتها أعظم منها، ونظيره في النسق لكن من عطف الخاص على العام {من كان عدوًّا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال} [البقرة: ٩٨]. اهـ.

وهو معنى قول الخطابي قال في الفتح: وفيه بحث لاحتمال أن يكون قوله: والقرآن العظيم محذوف الخبر والتقدير ما بعد الفاتحة مثلًا فيكون وصف الفاتحة انتهى بقوله هي السبع المثاني، ثم عطف قوله: والقرآن العظيم أي ما زاد على الفاتحة، وذكر ذلك رعاية لنظم الآية. ويكون التقدير والقرآن العظيم هو الذي أوتيته زيادة على الفاتحة، وفيه دليل على أن الفاتحة سبع آيات، لكن منهم من عدّ البسملة دون {صراط الذين أنعمت عليهم} [الفاتحة: ٧] ومنهم من عكس. قال الطيبي: وعدّ التسمية أولى لأن أنعمت لا يناسب وزانه وزان فواصل السور ولحديث ابن عباس: بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة، ونقل عن حسين بن علي الجعفي أنها ست آيات

<<  <  ج: ص:  >  >>