للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو أرض ملكه. (قال) أبو سفيان: (ثم دعا) هرقل (بكتاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقرأه) بنفسه أو الترجمان بأمره (فإذا فيه) (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى هرقل عظيم) طائفة (الروم سلام على من اتبع الهدى) هو كقول موسى وهارون لفرعون والسلام على من اتبع الهدى (أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام) بكسر الدال المهملة أي بالكلمة الداعية إلى الإسلام وهي شهادة التوحيد (أسلم) بكسر اللام (تسلم) بفتحها (وأسلم) بكسرها توكيد (يؤتك الله أجرك مرتين) لكونه مؤمنًا بنبيه ثم آمن بمحمد عليه الصلاة والسلام أو أن إسلامه سبب لإسلام أتباعه والجزم في أسلم على الأمر والثالث تأكيد له والثاني جواب للأوّل ويؤتك بحذف حرف العلة جواب آخر، ويحتمل أن يكون أسلم أوّلًا أي لا تعتقد في المسيح ما يعتقده النصارى وأسلم ثانيًا أي دخل في دين الإسلام ولذا قال: يؤتك الله أجرك مرتين (فإن توليت فإن عليك) مع إثمك (إثم الأريسيين) بهمزة وتشديد التحتية بعد السين أي الزراعين نبه بهم على جميع الرعايا وقيل: الأريسيين ينسبون إلى عبد الله بن أريس رجل كان تعظمه النصارى ابتدع في دينه أشياء مخالفة لدين عيسى عليه السلام و ({يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله}) بدل من كلمة بدل كل من كل إلى قوله: ({اشهدوا بأنا مسلمون}) والخطاب في اشهدوا للمسلمين أي فإن تولوا عن هذه الدعوة فأشهدوهم أنتم على استمراركم على الإسلام الذي شرعه الله لكم.

فإن قلت: إن هذه القصة كانت بعد الحديبية وقبل الفتح كما صرح به في الحديث، وقد ذكر ابن إسحاق وغيره أن صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها نزلت في وفد نجران.

وقال الزهري: هم أول من بذل الجزية ولا خلاف أن آية الجزية نزلت بعد الفتح فما الجمع بين كتابة هذه الآية قبل الفتح إلى هرقل في جملة الكتاب، وبين ما ذكره ابن إسحاق والزهري؟

أجيب: باحتمال نزول الآية مرة قبل الفتح، وأخرى بعده وبأن قدوم وفد نجران كان قبل الحديبية وما بذلوه كان مصالحة عن المباهلة لا عن الجزية، ووافق نزول الجزية بعد ذلك على وفق ذلك كما جاء وفق الخمس والأربعة الأخماس وفق ما فعله عبد الله بن جحش في تلك السرية قبل بدر، ثم نزلت فريضة القسم على وفق ذلك، وباحتمال أن يكون -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر بكتابتها قبل نزولها ثم نزل القرآن موافقة له كما نزل بموافقة عمر في الحجاب وفي الأسارى وعدم الصلاة على المنافقين قاله ابن كثير.

(فلما فرغ) هرقل (من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده وكثر اللغط) من عظماء الروم ولعله بسبب ما فهموه من ميل هرقل إلى التصديق (وأمر بنا فأخرجنا) بضم الهمزة وكسر الراء في

الثاني والميم في الأول (قال) أبو سفيان: (فقلت لأصحابي) القرشيين (حين خرجنا) والله (لقد أمر) بفتح الهمزة مع القصر وكسر الميم أي عظم (أمر ابن أبي كبشة) بسكون الميم أي شأن ابن أبي كبشة بفتح الكاف وسكون الموحدة كنية أبي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الرضاع الحرث بن عبد العزى كما عند ابن ماكولا وقيل غير ذلك مما سبق في بدء الوحي (إنه) بكسر الهمزة على الاستئناف (ليخافه ملك بني الأصفر) وهم الروم قال أبو سفيان (فما زلت موقنًا بأمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه سيظهر حتى أدخل الله عليّ الإسلام) فأظهرت ذلك اليقين.

(قال الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (فدعا هرقل) الفاء فصيحة أي فسار هرقل إلى حمص فكتب إلى صاحبه ضغاطر الأسقف برومية فجاء جوابه فدعا (عظماء الروم فجمعهم في دار له) وفي بدء الوحي أنه جمعهم في دسكرة أي قصر حوله بيوت وأغلقه ثم اطلع عليهم من مكان فيه عال خوفًا على نفسه أن ينكروا مقالته فيبادروا إلى قتله ثم خاطبهم (فقال: يا معشر الروم هل لكم) رغبة (في الفلاح والرشد) بفتح الراء والمعجمة ولأبي ذر والرشد بضم الراء وسكون المعجمة (آخر الأبد)

<<  <  ج: ص:  >  >>