الجور، وأيضًا فقد خالف المفسرين وقد ردّ الناس على هؤلاء، فأمّا قولهم: إن التسري أيضًا تكثر معه العيال مع أنه مباح فممنوع لأن الأمة ليست كالمنكوحة ولذا يعزل عنها بغير إذنها ويؤجرها ويأخذ أجرتها ينفقها عليه وعليها وعلى أولادها ويقال عال الرجل عياله يعولهم أي مانهم بمونهم أي أنفق عليهم، ومنه: ابدأ بنفسك ثم بمن تعول، وحكى ابن الأعرابي عال الرجل يعول أكثر عياله وعال يعيل افتقر وصار له عائلة.
والحاصل: أن عال يكون لازمًا ومتعديًا فاللازم يكون بمعنى مال وجار، ومنه عال الميزان وبمعنى كثر عياله وبمعنى تفاقم الأمر، والمضارع من كله يعول وعال الرجل افتقر وعال في الأرض ذهب فيها، والمضارع من هذين يعيل والمتعدي يكون بمعنى أثقل وبمعنى مان من المؤونة وبمعنى غلب ومنه عيل صبري ومضارع هذا كله يعول وبمعنى أعجز يقال عالني الأمر أي أعجزني، ومضارع هذا يعيل والمصدر عيل ومعيل فقد تلخص من هذا أن عال اللازم يكون تارة من ذوات الواو وتارة من ذوات الياء باختلاف المعنى، وكذلك عال المتعدي أيضًا فقد روى الأزهري عن الكسائي قال: عال الرجل إذا افتقر وأعال إذا أكثر عياله. قال: ومن العرب الفصحاء من يقول عال يعول إذا كثر عياله. قال الأزهري: وهذا يقوي قول الشافعي لأن الكسائي لا يحكي عن العرب إلا ما حفظه وضبطه وقول الشافعي نفسه حجة. وحكى البغوي عن أبي حاتم قال: كان الشافعي أعلم بلسان العرب منا ولعله لغة، وعن أبي عمرو الدوري القارئ وكان من أئمة اللغة قال هي لغة حمير.
وأما قولهم: إنه خالف المفسرين فليس كذلك فقد روي عن زيد بن أسلم نحو قوله أسنده الدارقطني وذكره الأزهري في كتابه تهذيب اللغة، وأما قولهم: اختلفت المادّتان فليس بصحيح فقد تقدم حكاية ابن الأعرابي عن العرب عال الرجل يعول كثر عياله وحكاية الكسائي والدوري وقرأ طلحة بن مصرف: أن لا تعيلوا بضم تاء المضارعة من أعال أكثر عياله وهي تعضد تفسير الشافعي من حيث المعنى، وقد بسط الإمام فخر الدين العبارة في الرد على أبي بكر الرازي وقال: الطعن لا يصدر إلا عن كثرة الغباوة وقلة المعرفة.
وقال الزمخشري بعد أن وجه قول الشافعي بنحو ما سبق وكلام مثله من أعلام العلم وأئمة الشرع ورؤوس المجتهدين حقيق بالجمل على الصحة والسداد وكفى بكتابنا المترجم بكتاب شافي العين من كلام الشافعي شاهدًا بأنه أعلى كعبًا وأطول باعًا في علم كلام العرب من أن يخفى عليه مثل هذا ولكن للعلماء طرقًا وأساليب فمسلك في تفسير هذه الكلمة طريقة الكنايات اهـ.
وقوله أعلى كعبًا مثل لاطلاعه على علوم العربية وكونه ذا حظ وافر فيها.
وقوله تعالى: ﴿وآتوا النساء صدقاتهن﴾ (﴿نحلة﴾)[النساء: ٤] قال ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم والطبري (النحلة) ولأبي ذر فالنحلة (المهر) وقيل فريضة مسماة وقيل عطية وهبة وسمي الصداق نحلة من حيث إنه لا يجب في مقابلته غير التمتع دون عوض مالي.
وبه قال:(حدّثنا محمد بن مقاتل) المروزي قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا (أسباط بن محمد) بفتح الهمزة وسكون السين المهملة وبالموحدة القرشي الكوفي قال: (حدّثنا الشيباني) أبو إسحاق سليمان بن فيروز (عن عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما (قال الشيباني): سليمان (وذكره) أي الحديث (أبو الحسن) اسمه عطاء (السوائي) بضم السين وتخفيف الواو ممدودًا وليس هو مهاجرًا المذكور في باب الإبراد بالظهر لأن ذاك تيمي لا سوائي (ولا أظنه ذكره إلا عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما فيه أن الشيباني له فيه طريقان إحداهما موصولة وهي عكرمة عن ابن عباس، والثانية مشكوك في وصلها وهي أبو الحسن السوائي عن ابن عباس في قوله تعالى:(﴿يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن﴾) قال: (كانوا) أي أهل الجاهلية كما قاله السدي أو أهل المدينة كما قاله الضحاك وقال الواحدي في الجاهلية وأول الإسلام (إذا مات الرجل كان