للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من التوطئة على أن دخولها على المثبت فيه نظر فلم تأت في الكتاب العزيز إلا مع القسم بالفعل ﴿لا أقسم بهذا البلد﴾ [البلد: ١] ﴿لا أقسم بيوم القيامة﴾ [القيامة: ١] ﴿فلا أقسم بمواقع النجوم﴾ [الواقعة: ٧٥] ﴿فلا أقسم بما تبصرون﴾ [الحاقة: ٣٨] ولم يأت إلا في القسم بغير الله وله سرّ يأبى أن يكون هاهنا لتأكيد القسم، وذلك أن المراد بها تعظيم المقسم به في الآيات المذكورة فكأنه بدخولها يقول إعظامي لهذه الأشياء المقسم بها كلا إعظام إذ هي تستوجب فوق ذلك وإنما يذكر هذا لتوهم وقوع عدم تعظيمها فيؤكد بذلك وبفعل القسم

ظاهرًا، وفي القسم بالله الوهم زائل فلا يحتاج إلى تأكيد فتعين حملها على التوطئة ولا تكاد تجدها في غير الكتاب العزيز داخلة على قسم مثبت أما في النفي فكثير اهـ.

وقيل: إن لا الثانية زائدة والقسم معترض بين حرف النفي والمنفي، وكان التقدير فلا يؤمنون وربك (﴿حتى يحكموك فيما شجر بينهم﴾) [النساء: ٦٥] أي فيما اختلف بينهم واختلط وحتى غاية متعلقة بقوله لا يؤمنون أي ينتفي عنهم الإيمان إلى هذه الغاية وهي تحكيمك وعدم وجدانهم الحرج وتسليمهم لأمرك.

٤٥٨٥ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: خَاصَمَ الزُّبَيْرُ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ فِي شَرِيجٍ مِنَ الْحَرَّةِ فَقَالَ النَّبِيُّ : «اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ» فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ ثُمَّ قَالَ: «اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ» وَاسْتَوْعَى النَّبِيُّ لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الْحُكْمِ حِينَ أَحْفَظَهُ الأَنْصَارِيُّ كَانَ أَشَارَ عَلَيْهِمَا بِأَمْرٍ لَهُمَا فِيهِ سَعَةٌ قَالَ الزُّبَيْرُ: فَمَا أَحْسِبُ هَذِهِ الآيَاتِ إِلاَّ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾.

وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا محمد بن جعفر) هو غندر قال: (أخبرنا معمر) بميمين مفتوحتين بينهما عين مهملة ساكنة ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن عروة) بن الزبير أنه (قال: خاصم الزبير) بن العوّام (رجلًا من الأنصار) هو ثابت بن قيس بن شماس وقيل حميد وقيل حاطب بن أبي بلتعة (في شريج) بفتح الشين المعجمة وكسر الراء آخره جيم مسيل الماء يكون فى الجبل وينزل إلى السهل (من الحرة) بفتح الحاء وتشديد الراء المهملتين خارج المدينة زاد في باب سكر الأنهار من الشرب، فقال الأنصاري سرّح الماء فأبى عليه فاختصما عند النبي (فقال النبي : اسق يا زبير ثم أرسل الماء) بهمزة قطع مفتوحة في أرسل (إلى جارك) الأنصاري (فقال الأنصاري: يا رسول الله أن كان) بفتح الهمزة أي حكمت له بالتقديم والترجيح لأن كان (ابن عمتك) صفية بنت عبد المطلب، ولأبي ذر عن الكشميهني: آن كان بهمزة مفتوحة ممدودة استفهام إنكاري وله عن الحموي والمستملي وأن كان بواو وفتح الهمزة، ووقع عند الطبري فقال: اعدل يا رسول الله وأن كان ابن عمتك أي من أجل هذا حكمت له عليّ (فتلون وجهه) أي تغيّر من الغضب لانتهاك حرمة النبوّة، ولأبوي ذر والوقت: فتلون وجه رسول الله (ثم قال: اسق يا زيير ثم احبس الماء) بهمزة وصل فيهما (حتى يرجع) يصير الماء (إلى الجدر) بفتح الجيم وسكون المهملة ما وضع بين شربات النخل كالجدار والمراد به جدران الشربات وهي الحفر التي تحفر في أصول النخل (ثم أرسل الماء إلى جارك) بهمزة قطع في أرسل (واستوعى النبي للزبير حقه) أي استوفاه كله كاملًا حتى كأنه

جمعه في وعاء بحيث لم يترك منه شيئًا (في صريح الحكم حين أحفظه) بالحاء المهملة والفاء والظاء المعجمة أي أغضبه (الأنصاري وكان) (أشار عليهما) في أوّل الأمر (بأمر لهما) ولأبي ذر عن الكشميهني له أي للأنصاري (فيه سعة) وهو الصلح على ترك بعض حق الزبير، فلما لم يرض الأنصاري استقصى للزبير حقه وحكم له به على الأنصاري.

(قال الزبير: فما أحسب هله الآيات إلا نزلت) وفي باب شرب الأعلى من الأسفل من كتاب الشرب فقال الزبير: والله إن هذه الآية أنزلت (في ذلك ﴿فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم﴾) قيل: وكان هذا الرجل يهوديًّا. وعورض بأنه وصف بكونه أنصاريًّا ولو كان يهوديًا لم يوصف بذلك إذ هو وصف مدح ولا يبعد أن يبتلي غير المعصوم بمثل ذلك عند الغضب مما هو من الصفات البشرية.

وفي المفاتح كالبغوي في معالم التنزيل، وروي أنه لما خرجا مرّا على المقداد فقال: لمن كان القضاء؟ قال الأنصاري لابن عمته ولوى شدقيه ففطن له

<<  <  ج: ص:  >  >>