بالتنوين في قوله تعالى:({إن الذين توفاهم الملائكة}) ملك الموت وأعوانه وهم ستة ثلاثة لقبض أرواح المؤمنين وثلاثة للكفار أو المراد ملك الموت وحده وذكر بلفظ الجمع للتعظيم أي توفاهم الملائكة بقبض أرواحهم حال كونهم ({ظالمي أنفسهم}) ويصلح توفاهم أن يكون للماضي وذكر الفعل لأنه فعل جمع وللاستقبال أي الذين تتوفاهم حذفت التاء الثانية لاجتماع المثلين. قال في فتوح الغيب: إذا حمل على الاستقبال يكون من باب حكاية الحال الماضية ({قالوا}) أي الملائكة لهم ({فيم كنتم}) من أمر الدين في فريق المسلمين أو المشركين؟ والسؤال للتوبيخ يعني لِمَ تركتم الجهاد والهجرة والنصرة؟ ({قالوا كنا مستضعفين}) أي عاجزين ({في الأرض}) لا نقدر على الخروج من مكة ({قالوا}) أي الملائكة ({ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها}[النساء: ٩٧] الآية). أي إلى المدينة وتخرجوا من بين أظهر المشركين وسقط لأبي ذر قوله: كنا الخ وسقط الباب من أكثر النسخ وثبت في بعضها.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يزيد المقرئ) بالهمزة أبو عبد الرحمن المكي أصله من البصرة أو الأهواز أقرأ القرآن نيفًا وسبعين سنة وهو من كبار شيوخ البخاري قال: (حدّثنا حيوة) بفتح المهملة وسكون التحتية وفتح الواو ابن شريح بالشين المعجمة المضمومة والراء المفتوحة وبعد
التحتية الساكنة مهملة أبو زرعة التجيبي بضم الفوقية وكسر الجيم المصري (وغيره) هو ابن لهيعة المصري كما أخرجه الطبراني في الصغير (قالا: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن) بن نوفل الأسدي (أبو الأسود) يتيم عروة بن الزبير (قال: قطع على أهل المدينة بعث) بضم القاف وكسر الطاء مبنيًّا للمفعول أي الزموا بإخراج جيش لقتال أهل الشام في خلافة عبد الله بن الزبير على مكة (فاكتتبت فيه) بضم المثناة الفوقية الأولى وكسر الثانية وسكون الموحدة مبنيًّا للمفعول (فلقيت عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته) بأني اكتتبت في ذلك البعث (فنهاني عن ذلك أشد النهي ثم قال: أخبرني ابن عباس أن ناسًا من المسلمين) سمى ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق ابن جريج عن عكرمة. ومن طريق ابن عيينة عن ابن إسحاق عمرو بن أمية بن خلف والعاص بن منبه بن الحجاج والحارث بن زمعة وأبا قيس بن الفاكه، وعند ابن جريج أبا قيس بن الوليد بن المغيرة، وعند ابن مردويه من طريق أشعث بن سوار عن عكرمة عن ابن عباس الوليد بن عتبة بن ربيعة والعلاء بن أمية بن خلف (كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولأبى ذر عن الكشميهني على عهد رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وفي رواية أشعث المذكورة أنهم خرجوا إلى بدر فلما رأوا قلة المسلمين دخلهم شك وقالوا غرّ هؤلاء دينهم فقتلوا ببدر (يأتي السهم فيرمى به) بضم التحتية وفتح الميم مبنيًّا للمفعول وفي نسخة يرمى بإسقاط الفاء ولأبي ذر: يدمى بالدال بدل الراء (فيصيب أحدهم) نصب على المفعولية (فيقتله أو يضرب فيقتل) بضم حرف المضارعة من الفعلين وفتح ثالثهما. قال في الكواكب الدراري: وغرض عكرمة أن الله ذم من كثر سواد المشركين مع أنهم كانوا لا يريدون بقلوبهم موافقتهم فكذلك أنت لا تكثر سواد هذا الجيش وإن كنت لا تريد موافقتهم لأنهم لا يقاتلون في سبيل الله (فأنزل الله تعالى: {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} الآية) أي بخروجهم مع المشركين وتكثير سوادهم حتى قتلوا معهم.
(رواه) أي الحديث المذكور (الليث) بن سعد مما وصله الإسماعيلي والطبراني في الأوسط من طريق أبي صالح كاتب الليث عن الليث (عن أبي الأسود) عن عكرمة لكن بدون قصة أبي الأسود، وعند الطبراني وابن أبي حاتم من طريق عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان قوم من أهل مكة أسلموا وكانوا يخفون بالإسلام فأخرجهم المشركون معهم يوم بدر فأصيب بعضهم فقال المسلمون: هؤلاء كانوا مسلمين فأكرهوا فاستغفروا لهم فنزلت فكتبوا بها إلى من بقي من المسلمين وأنه لا عذر لهم فخرجوا