وهذه الأجزية ذكرت بمقابلتها فيصلح كل واحد جزاء له فيثبت التخيير كما في كفارة اليمين اهـ.
والجمهور أنها للتنويع. قال إمامنا الشافعي أخبرنا إبراهيم هو ابن أبي يحيى عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس في قطاع الطريق: إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا، وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا، وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالًا نفوا من الأرض، ورواه ابن أبي شيبة عن عطية عن ابن عباس بنحوه.
وأجاب في فتوح الغيب عما سبق من القول بالتخيير بأنه غير ممكن لأن الجزاء على حسب الجناية ويزداد بزيادتها وينقص بنقصانها قال تعالى: ﴿وجزاء سيئة سيئة مثلها﴾ [الشورى: ٤٠] فيبعد أن يقال عند غلظ الجناية يعاقب بأخف الأنواع وعند خفتها بأغلظها وذلك أن المحاربة تتفاوت أنواعها في صفة الجناية من تخويف أو أخذ مال أو قتل نفس أو جمع بين القتل وأخذ المال، والمذكور في الآية أجزية متفاوتة في معنى التشديد والغلظة فوقع الاستغناء بتلك المقدّمة عن بيان تقسيم الأجزية على أنواع الجناية نصًّا وهذا التقسيم يرجع إلى أصل لهم وهو أن الجملة إذا قوبلت بالجملة ينقسم البعض على البعض اهـ.
واختلف في كيفية الصلب فقيل يصلب حيًّا ثم يطعن في بطنه برمح حتى يموت، وعن الشافعي يقتل أوّلًا ثم يصلّى عليه ثم يصلب وهل يصلب ثلاثة أيام ثم ينزل أو يترك حتى يتهرى ويسيل صديده، وسقط قولها ﴿أن يقتلوا﴾ إلى آخره لأبي ذر وقال بعد قوله تعالى: ﴿فسادًا﴾ الآية.
(المحاربة لله) قال سعيد بن جبير فيما وصله ابن أبي حاتم من طريق ابن لهيعة عن عطاء بن يسار عنه في (الكفر به) تعالى. وقال غيره: هو من باب حذف المضاف أي يحاربون أولياء الله وأولياء رسوله وهم المسلمون ففيه تعظيم لهم، ومنه قوله تعالى: من عادى لي وليًّا فقد بارزني بالحرب، وأصل الحرب السلب والمحارب يسلب الروح والمال والمراد هنا قطع الطريق وهو أخذ المال مكابرة اعتمادًا على الشوكة وإن كان في مصر.
٤٦١٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلْمَانُ أَبُو رَجَاءٍ مَوْلَى أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا خَلْفَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَذَكَرُوا وَذَكَرُوا فَقَالُوا: وَقَالُوا قَدْ أَقَادَتْ بِهَا الْخُلَفَاءُ، فَالْتَفَتَ إِلَى أَبِي قِلَابَةَ وَهْوَ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَقَالَ: مَا تَقُولُ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ -أَوْ قَالَ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا قِلَابَةَ-؟ قُلْتُ: مَا عَلِمْتُ نَفْسًا حَلَّ قَتْلُهَا فِي الإِسْلَامِ إِلاَّ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ، أَوْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﷺ فَقَالَ عَنْبَسَةُ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ بِكَذَا وَكَذَا، قُلْتُ إِيَّايَ حَدَّثَ أَنَسٌ قَالَ: قَدِمَ قَوْمٌ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَكَلَّمُوهُ فَقَالُوا: قَدِ اسْتَوْخَمْنَا هَذِهِ الأَرْضَ فَقَالَ: «هَذِهِ نَعَمٌ، لَنَا تَخْرُجُ فَاخْرُجُوا فِيهَا فَاشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا» فَخَرَجُوا فِيهَا فَشَرِبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا وَاسْتَصَحُّوا وَمَالُوا عَلَى
الرَّاعِي فَقَتَلُوهُ، وَاطَّرَدُوا النَّعَمَ فَمَا يُسْتَبْطَأُ مِنْ هَؤُلَاءِ قَتَلُوا النَّفْسَ وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَخَوَّفُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ" فَقُلْتُ: تَتَّهِمُنِي قَالَ: حَدَّثَنَا بِهَذَا أَنَسٌ قَالَ: وَقَالَ يَا أَهْلَ كَذَا إِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا أُبْقِىَ هَذَا فِيكُمْ أَوْ مِثْلُ هَذَا.
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا محمد بن عبد الله الأنصاري) أحد شيوخ المؤلّف روى عنه هنا بواسطة قال: (حدّثنا ابن عون) هو عبد الله بن عون بن أرطبان المزني البصري (قال: حدّثني) بالإفراد (سلمان) بفتح السين وسكون اللام مكبرًا ولأبي ذر عن الكشميهني سليمان بضم السين وفتح اللام مصغرًا والصواب الأول كما ذكره ابن طاهر وعبد الغني المقدسي وغيرهما (أبو رجاء مولى أبي قلابة) بكسر القاف عبد الله بن زيد (عن أبي قلابة أنه كان جالسًا خلف عمر بن عبد العزيز) وكان قد أبرز سريره للناس ثم أذن لهم فدخلوا (فذكروا) القسامة لما استشارهم عمر فيها (وذكروا) له شأنها (فقالوا) نقول فيها القود (وقالوا قد أقادت بها الخلفاء) قبلك. وفي المغازي من طريق أيوب والحجاج الصواف عن أبي رجاء فقالوا حق قضى بها رسول الله ﷺ وقضت بها الخلفاء قبلك (فالتفت) عمر رحمة الله عليه (إلى أبي قلابة وهو خلف ظهر. فقال: ما تقول يا عبد الله بن زيد، أو قال ما تقول يا أبا قلابة؟) شك الراوي. زاد في الدّيات من طريق الحجاج عن أبي عثمان عن أبي رجاء فقلت: يا أمير المؤمنين عندك رؤوس الأجناد وأشراف العرب أرأيت لو أن خمسين منهم شهدوا على رجل محصن بدمشق أنه قد زنى ولم يروه أكنت ترجمه؟ قال: لا. قلت: أرأيت لو أن خمسين منهم شهدوا على رجل بحمص أنه سرق كنت تقطعه ولم يروه؟ قال: لا. (قلت) زاد في الدّيات أيضًا والله (ما علمت نفسًا حلّ قتلها في الإسلام إلا رجل زنى بعد إحصان، أو قتل نفسًا بغير نفس، أو حارب الله ورسوله ﷺ) سقطت التصلية لأبي ذر وزاد في الدّيات وارتد عن الإسلام.
(فقال عنبسة) بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح الموحدة والسين المهملة ابن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي (حدّثنا أنس) هو ابن مالك (بكذا وكذا) يعني بحديث العرنيين قال أبو قلابة (قلت): ولأبي ذر فقلت: (إياي حدث