للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حين مناص نفذ القدر واستجيبت الدعوة وجاء جبريل على فرس أنثى وخاض البحر فلما شم أدهم فرعون ريح فرس جبريل اقتحم وراءه ولم يملك فرعون من أمره شيئًا واقتحمت الخيول خلفه في البحر وميكائيل في ساقتهم يسوقهم ولا يترك أحدًا منهم إلا ألحقه بهم فلما تكاملوا وهمّ أوّلهم بالخروج منه أمر الله القادر القاهر البحر فانطبق عليهم فلم ينج منهم أحد وجعلت الأمواج ترفعهم وتخفضهم وتراكمت الأمواج فوق فرعون (﴿حتى إذا أدركه الغرق﴾) وغشيته سكرات الموت (﴿قال﴾) وهو كذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانها (﴿آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين﴾) [يونس: ٩٠] وما علم اللعين أن التوبة عند المعاينة غير نافعة فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ولذا قال الله تعالى في جواب فرعون ﴿الآن﴾ أي أتؤمن وقت الاضطرار ﴿وقد عصيت قبل﴾ [يونس: ٩٠].

وفي حديث ابن عباس عند أحمد وغيره مرفوعًا: لما قال فرعون ﴿آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل﴾ قال لي جبريل: لو رأيتني وقد أخذت من حال البحر فدسته في فيه مخافة أن تناله الرحمة. ورواه الترمذي وقال حسن وحال البحر هو طينه الأسود، والمعنى لو رأيتني لرأيت أمرًا عجيبًا يبهت الواصف عن كنهه، فإني لما شاهدت تلك الحالة بهت غضبًا على عدوًا الله لادعائه تلك العظمة فعمدت إلى حال البحر فأدسه في فيه مخافة أن تدركه الرحمة لسعتها، والحاصل أنه إنما فعل ذلك غضبًا لله وعلمًا منه أنه لا ينفعه الإيمان لا أنه كره إيمانه لأن كراهة الإيمان من الكافر كفر، لكن قال أبو منصور الماتريدي في التأويلات: الرضا بالكفر ليس بكفر مطلقًا إنما يكون كذلك إذا رضي بكفر نفسه لا بكفر غيره، ويؤيده قصة ابن أبي سرح المروية في سنن أبي داود والنسائي لما جاء يوم الفتح بين يدي النبي وطلب المبايعة ثلاث مرات وكل ذلك يأبى ثم بايعه ثم أقبل على أصحابه فقال: أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت عن بيعته فيقتله الحديث.

وقيل إنما قصد فرعون بقوله الخلاص أو لأنه كان لمجرد التعليق كما قال: آمنت به بنو إسرائيل فكأنه قال لا أعرفه فكيف يزول كفره بهذا التقليد، وقد روي أن جبريل استفتاه ما قولك في عبد لرجل نشأ في ماله ونعمته وجحد حقه وادعى السيادة دونه، فكتب يقول الوليد بن مصعب جزاء العبد الخارج على سيده الكافر نعماه أن يغرق في البحر فلما ألجمه الغرق ناوله جبريل خطه فعرفه، وسقط لأبي ذر ﴿فأتبعهم﴾ الخ وقال إلى قوله: ﴿وأنا من المسلمين﴾.

(﴿ننجيك﴾) [يونس: ٩٢] بسكون النون وتخفيف الجيم من أنجى وهي قراءة يعقوب وفي نسخة ننجيك بتخفيف الجيم أي (نلقيك على نجوة من الأرض وهو) أي النجوة (النشز) بفتح النون والمعجمة آخره زاي وهو (المكان المرتفع). وقرأ ابن السميقع ننحيك بالحاء المهملة المشدّدة أي نلقيك بناحية مما يلي البحر ليراك بنو إسرائيل. قال كعب: رماه إلى الساحل كأنه ثور.

وروى ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال: لما خرج موسى وأصحابه قال: من تخلف من قوم فرعون ما غرق فرعون وقومه، ولكنهم في خزائن البحر يتصيدون فأوحى الله تعالى إلى البحر أن الفظ فرعون عريانًا فلفظه عريانًا أصلع أخينس قصيرًا. ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد ﴿ببدنك﴾ قال بجسدك. ومن طريق أبي صخر المدني قال: البدن الدرع الذي كان عليه قيل، وكانت له درع من ذهب يعرف بها وكان في أنفسهم أن فرعون أعظم شأنًا من أن يغرق.

٤٦٨٠ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ الْمَدِينَةَ وَالْيَهُودُ تَصُومُ عَاشُورَاءَ فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ ظَهَرَ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ فَقَالَ النَّبِيُّ لأَصْحَابِهِ: «أَنْتُمْ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْهُمْ فَصُومُوا».

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة بندار العبدي البصري قال: (حدّثنا غندر) محمد بن جعفر البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة جعفر بن أبي وحشية واسمه إياس اليشكري البصري (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما) أنه (قال: قدم النبي المدينة) فأقام بها إلى عاشوراء من السنة

<<  <  ج: ص:  >  >>