فتاه يوشع بن نون) مجرور بالإضافة منصرف كنوح على الفصحى (ومعهما الحوت) المأمور به (حتى انتهيا إلى الصخرة) التي عند مجمع البحرين (فنزلا عندها قال فوضع موسى رأسه فنام قال سفيان) بن عيينة بالإسناد السابق (وفي حديث غير عمرو) لعل الغير المذكور كما قال في الفتح قتادة لما عند ابن أبي حاتم من طريقه (قال وفي أبي الصخرة عين يقال لها) ولأبي الوقت والأصيلي له (الحياة) بتاء التأنيث آخره (لا يصيب من مائها شيء) من الحيوان (إلا حيي) وعند ابن إسحاق من شرب منه خلد ولا يقاربه شيء ميت إلا حيي ولأبي ذر عن الكشميهني والمستملي لا تصيب بالفوقية أي العين شيئًا أي من الحيوان إلا حيي (فأصاب الحوت من) رشاش (ماء تلك العين قال فتحرك وانسل من المكتل فدخل البحر) ولعل هذه العين إن ثبت النقل فيها هي التي شرب منها الخضر فخلد كما قال به جماعة كما مر
(فلما استيقظ موسى قال لفتاه: {آتنا غداءنا} الآية) أي بعد أن نسي الفتى أن يخبره بأن الحوت حيي وانطلاقهما سائرين بقية يومهما وليلتهما حتى كان من الغد قال له إذ ذاك آتنا غداءنا (قال ولم يجد النصب حتى جاوز ما أمر به) فألقى الله عليه الجوع والنصب (قال له فتاه يوشع بن نون {أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت) أي أن أخبرك بخبره (الآية) إلى قوله: {ذلك ما كنا نبغ}[الكهف: ٦٤](قال فرجعا يقصّان في آثارهما) حتى انتهيا إلى الصخرة (فوجدا في البحر كالطاق ممر الحوت) مفعول وجدا (فكان لفتاه عجبًا) إذ هو أمر خارق (وللحوت سربًا) مسلكًا وروى ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال: رجع موسى فوجد الحوت فجعل موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت وجعل الحوت لا يمس شيئًا من البحر إلا يبس حتى يصير صخرة (قال: فلما انتهيا إلى الصخرة إذا) والذي في اليونينية إذ (هما برجل مسجى) مغطى (بثوب) وفي رواية الربيع عن أنس عند ابن أبي حاتم قال انجاب الماء عن مسلك الحوت فصارت كوّة فدخلها موسى على أثر الحوت فإذا هو بالخضر (فسلم عليه موسى قال) الخضر بعد أن رد السلام عليه وكشف الثوب عن وجهه (وأنى) بهمزة نون مشددة مفتوحتين أي وكيف (بأرضك السلام) وأهلها كفار أو لم يكن السلام تحيتهم (فقال) موسى بعد أن قال له الخضر من أنت: (أنا موسى قال) الخضر (موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم. قال) له موسى: ({هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدًا}) أي علمًا ذا رشد أسترشد به (قال) ولأبي ذر فقال (له الخضر: يا موسى إنك على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه وأنا على علم من علم الله علمنيه الله لا تعلمه) فكل منا مكلف بأمور من الله دون صاحبه (قال) موسى (بل أتبعك) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي هل والأولى أوضح ({قال}) الخضر: ({فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء}) تنكره ابتداء ({حتى أحدث لك منه ذكرًا}) حتى أبداك ببيانه (فانطلقا يمشيان على الساحل فمرت بهما سفينة) ولأبي ذر: بهم أي بموسى ويوشع والخضر (فعرف الخضر فحملوهم في سفينتهم بغير نول) بفتح النون وسكون الواو (يقول بغير أجر) أي أجرة (فركبا السفينة) ولم يذكر يوشع لأنه تابع غير مقصود بالأصالة ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فركبا في السفينة (قال: ووقع عصفور) بضم العين (على حرف السفينة فغمس منقاره البحر) بنصبهما ولأبي ذر في البحر (فقال الخضر لموسى) ولأبي ذر: يا موسى (ما علمك وعلمي وعلم الخلائق في علم الله إلا مقدار) بالرفع (ما غمس هذا العصفور منقاره) وفي رواية ما نقص علمي وعلمك من علم الله والعلم يطلق ويراد به المعلوم وعلم الله لا يدخله نقص ونقص العصفور لا تأثير له فكأنه لم يأخذ شيئًا فهو كقوله:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب