(﴿لعل الساعة تكون قريبًا﴾)[الأحزاب: ٦٣] القياس أن يقول قريبة بالتاء وأجاب المؤلّف عنه بأنك (إذا وصفت صفة المؤنث قلت قريبة) بالتاء (وإذا جعلته ظرفًا) قال الكرماني: أي اسمًا زمانيًا وعبارة أبي عبيدة مجازه مجاز الظرف (وبدلًا) أي عن الصفة يعني جعلته اسمًا مكان الصفة (ولم ترد الصفة نزعت الهاء من المؤنث) فقلت قريبًا (وكذلك لفظها) أي لفظ الكلمة المذكورة إذا لم ترد الصفة يستوي (في) لفظها (الواحد والاثنين والجميع للذكر والأنثى) بغير هاء وبغير جمع وبغير تثنية. وقال في الدر الظاهر أن لعل تعلق ما يعلق التمني وقريبًا خبر كان على حذف موصوف أي شيئًا قريبًا وقيل التقدير قيام الساعة فروعيت الساعة في تأنيث تكون وروعي المضاف المحذوف في تذكير قريبًا، وقيل قريبًا أكثر استعماله استعمال الظروف فهو هنا ظرف في موضع الخبر وسقط لأبوي ذر والوقت وابن عساكر لفظ الواحد وقال العيني كابن حجر وسقط لغير أبي ذر والنسفيّ قوله: لعل الساعة الخ وصوب لأنه ساقه في غير محله لتقديمه على الأحاديث المسوقة في معنى قوله لا تدخلوا بيوت النبي إلى آخرها.
وبه قال:(حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد (عن يحيى) هو ابن سعيد القطان ولأبي ذر حدّثنا يحيى (عن حميد) الطويل (عن أنس)﵁ أنه (قال: قال عمر) بن الخطاب (﵁: قلت: يا رسول الله يدخل عليك) في بيوتك (البر والفاجر) هو الفاسق وهو مقابل البر (فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فأنزل الله) تعالى (آية الحجاب﴾) وهذا طرف من حديث ذكره في باب ما جاء في القبلة من كتاب الصلاة وسورة البقرة أوله: وافقت ربي في ثلاث وقد تحصل من
جملة الأخبار لعمر من الموافقات خمسة عشر تسع لفظيات وأربع معنويات واثنتان في التوراة فأما اللفظيات فمقام إبراهيم حيث قال: يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت والحجاب وأسارى بدر حيث شاوره ﷺ فيهم فقال: يا رسول الله هؤلاء أئمة الكفر فاضرب أعناقهم فهوى رسول الله ﷺ ما قاله الصديق من إطلاقهم وأخذ الفداء فنزلت ﴿ما كان لنبي أن يكون له أسرى﴾ [الأنفال: ٦٧] رواه مسلم وغيره وقوله لأمهات المؤمنين: لتكففن عن رسول الله ﷺ أو ليبدلنه الله أزواجًا خيرًا منكنّ فنزلت أخرجه أبو حاتم وغيره، وقوله لما اعتزل ﵊ نساءه في المشربة يا رسول الله: إن كنت طلقت نساءك فإن الله ﷿ معك وجبريل وأنا وأبو بكر والمؤمنون فأنزل الله ﴿وإن تظاهرا عليه﴾ الآية، وأخذه بثوب النبي ﷺ لما قام يصلّي على عبد الله بن أبي ومنعه من الصلاة عليه فأنزل الله ﴿ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا﴾ [التوبة: ٨٤] أخرجاه ولما نزل ﴿إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم﴾ قال ﵊: فلأزيدن على السبعين فأخذ في الاستغفار لهم فقال عمر: يا رسول الله والله لا يغفر الله لهم أبدًا استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم، فنزلت ﴿سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم﴾ أخرجه في الفضائل ولما نزل قوله تعالى: ﴿ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين﴾ إلى قوله: ﴿أنشأناه خلقًا آخر﴾ قال عمر: تبارك الله أحسن الخالقين رواه الواحدي في أسباب النزول.
وفي رواية فقال النبي ﷺ: تزيد في القرآن يا عمر فنزل جبريل بها وقال إنها تمام الآية خرجها السجاوندي في تفسيره، ولما استشاره ﵊ في عائشة حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فقال عمر: يا رسول الله من زوجكها. قال الله تعالى، قال: أفتظن أن ربك دلس عليك فيها ﴿سبحانك هذا بهتان عظيم﴾ فأنزلها الله تعالى ذكره صاحب الرياض عن رجل من الأنصار.
وأما المعنويات فروى ابن السمان في الموافقة أن عمر قال لليهود: أنشدكم بالله هل تجدون وصف محمد ﷺ في كتابكم؟ قالوا: نعم. قال: فما يمنعكم من اتباعه؟ قالوا: إن الله لم يبعث رسولًا إلا كان