بذلك من علم﴾) أي (الأوثان أنهم لا يعلمون) نزل الأوثان منزلة مَن يعقل ونفى عنهم علم ما يصنع المشركون من عبادتهم وقيل الضمير للكفار أي ليس لهم علم ما ذكروهم من قولهم إن الله رضي عنا لعبادتنا وسقط للأصيلي أنهم.
(﴿في عقبه﴾) أي (ولده) فيكون منهم أبدًا مَن يوحّد الله ويدعو إلى توحيده.
(﴿مقترنين﴾) أي (يمشون معًا) قاله مجاهد أيضًا.
(﴿سلفًا﴾) في قوله: ﴿فجعلناهم سلفًا ومثلًا للآخرين﴾ [الزخرف: ٥٦] هم (قوم فرعون سلفًا لكفار أمة محمد ﷺ ﴿ومثلًا﴾) أي (عبرة) لهم.
(﴿يصدّون﴾) بكسر الصاد أي (يضجون) وقرأ نافع وابن عامر والكسائي بضم الصاد فقيل هما بمعنى واحد وهو الضجيج واللغط وقيل الضم من الصدود وهو الإعراض.
(﴿مبرمون﴾) في قوله تعالى: ﴿أم أبرموا أمرًا فإنا مبرمون﴾ [الزخرف: ٧٩] أي (مجمعون) وقيل محكمون.
(﴿أوّل العابدين﴾) أي (أوّل المؤمنين) قاله مجاهد أيضًا.
(﴿إنني﴾) ولأبي ذر والأصيلي وقال غيره أي غير مجاهد: إنني (﴿براء مما تعبدون﴾) [الزخرف: ٢٦] (العرب تقول نحن منك البراء) منك (والخلاء) منك (والواحد والاثنان والجميع من المذكر والمؤنث يقال فيه براء) بلفظ واحد (لأنه مصدر) في الأصل وقع موقع الصفة وهي بريء (ولو قال) ولأبي ذر ولو قيل (﴿بريء﴾ لقيل في الاثنين بريئان وفي الجميع بريئون﴾) وأهل نجد يقولون أنا بريء وهي بريئة ونحن برآء (وقرأ عبد الله) يعني ابن مسعود (إنني بريء بالياء) وصله الفضل بن شاذان في كتاب القراءة عنه.
(والزخرف) في قوله: ﴿ولبيوتهم أبوابًا وسررًا عليها يتكئون وزخرفًا﴾ [الزخرف: ٣٤] هو (الذهب) قاله قتادة وفي قراءة عبد الله بن مسعود أو يكون لك بيت من ذهب.
(﴿ملائكة﴾) في قوله تعالى: ﴿ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض﴾ [الزخرف: ٦٠] (﴿يخلفون﴾) أي (يخلف بعضهم بعضًا) قاله قتادة فيما أخرجه عبد الرزاق وزاد في آخره مكان ابن آدم ومن في قوله منكم بمعنى بدل أي بدلكم أو تبعيضية أي لولدنا منكم يا رجال ملائكة في الأرض يخلفونكم كما تخلفكم أولادكم كما ولدنا عيسى من أُنثى دون ذكر.
(قوله: ﴿ونادوا﴾) ولأبي ذر باب بالتنوين ونادوا (﴿يا مالك ليقض علينا ربك﴾) ليمتنا لنستريح ﴿قال﴾ مالك مجيبًا لهم بعد ألف سنة أو أربعين أو مائة ﴿إنكم ماكثون﴾ [الزخرف: ٧٧] مقيمون في العذاب لا خلاص لكم منه بموت ولا بغيره وسقط قوله قال إنكم
ماكثون لغير أبي ذر وابن عساكر وقال الآية.
٤٨١٩ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ وَقَالَ قَتَادَةُ: ﴿مَثَلًا لِلآخِرِينَ﴾ عِظَةً لِمَنْ بَعْدَهُمْ. وَقَالَ غَيْرُهُ: ﴿مُقْرِنِينَ﴾ ضَابِطِينَ يُقَالُ: فُلَانٌ مُقْرِنٌ لِفُلَانٍ ضَابِطٌ لَهُ. وَالأَكْوَابُ: الأَبَارِيقُ الَّتِي لَا خَرَاطِيمَ لَهَا. وقال قتادة: ﴿في أم الكتاب﴾ جملة الكتاب أصا الكتاب. ﴿أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ أَيْ مَا كَانَ فَأَنَا أَوَّلُ الآنِفِينَ. وَهُمَا لُغَتَانِ، رَجُلٌ عَابِدٌ وَعَبِدٌ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ﴾ وَيُقَالُ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ الْجَاحِدِينَ. مِنْ عَبِدَ يَعْبَدُ ﴿أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ﴾ [الزخرف: ٥] مُشْرِكِينَ وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ رُفِعَ حَيْثُ رَدَّهُ أَوَائِلُ هَذِهِ الأُمَّةِ لَهَلَكُوا. ﴿فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ﴾ [الزخرف: ٨] عُقُوبَةُ الأَوَّلِينَ. ﴿جُزْءًا﴾ عِدْلًا.
وبه قال: (حدّثنا حجاج بن منهال) بكسر الميم الأنماطي السلمي مولاهم البصري قال: (حدّثنا سفيان بن عيينة) الهلالي الكوفي ثم المكي الإمام الحجة (عن عمرو) هو ابن دينار (عن عطاء) هو ابن أبي رباح (عن صفوان بن يعلى عن أبيه) يعلى بن أمية التميمي حليف قريش واسم أمه منية بضم الميم وسكون النون وفتح التحتية أنه (قال: سمعت النبي ﷺ يقرأ على المنبر: (﴿ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك﴾) وقرئ يا مال بكسر اللام على الترخيم وفيه إشعار بأنهم لضعفهم لا يستطيعون تأدية اللفظ بالتمام.
فإن قلت: كيف قال ونادوا يا مالك بعد ما وصفهم بالإبلاس؟ أجيب: بأنها أزمنة متطاولة وأحقاب ممتدة فتختلف بهم الأحوال فيسكتون أوقاتًا لغلبة اليأس عليهم ويستغيثون أوقاتًا لشدة ما بهم.
وهذا الحديث ذكره في باب صفة النار من بدء الخلق.
(وقال قتاة) في قوله تعالى: (﴿مثلًا﴾) من قوله تعالى: ﴿فجعلناهم سلفًا ومثلًا﴾ (﴿للآخرين﴾) أي (عظة لمن بعدهم) والعظة الموعظة وثبت قوله لمن بعدهم لأبي ذر.
(وقال غيره) أي غير قتادة في قوله: (﴿مقرنين﴾) من قوله تعالى: ﴿وما كنا له مقرنين﴾ السابق ذكره أي (ضابطين يقال فلان مقرن لفلان) أي (ضابط له) قاله أبو عبيدة.
(والأكواب) هي (الأباريق التي لا خراطيم لها) وقيل لا عراوي لها ولا خراطيم معًا قال الجواليقي ليتمكن الشارب من أين شاء فإن العروة تمنع من ذلك.
(وقال قتادة) فيما رواه عبد الرزاق (﴿في أم الكتاب﴾ جملة الكتاب أصل الكتاب) وأم كل شيء أصله والمراد المحفوظ لأنه أصل الكتب السماوية