للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللهب وقول مجاهد هذا ثابت لأبي ذر.

(وقال مجاهد: ﴿ونحاس﴾ النحاس) هو (الصفر) يذاب ثم (يصب على رؤوسهم يعذبون به) ولأبي ذر فيعذبون به، وقيل: النحاس الدخان الذي لا لهب معه قال الخليل: وهو معروف في كلامهم وأنشد للأعشى:

يضيء كضوء سراج السليط … لم يجعل الله فيه نحاسا

وسقط قوله النحاس لغير أبي ذر.

(﴿خاف مقام ربه﴾) قال مجاهد هو الرجل (يهم) بفتح الياء وضم الهاء (بالمعصية فيذكر الله ﷿ فيتركها) من خوفه ومقام مصدر مضاف لفاعله أي قيام ربه عليه وحفظه لأعماله أو لمفعوله أي القيام بحقوق الله فلا يضيعها والمقام مكان فالإضافة الأذنى ملابسة لما كان الناس يقومون بين يدي الله للحساب قيل فيه مقام الله والمعنى خاف مقامه بين يدي ربه للحساب فترك المعصية فمقام مصدر بمعنى القيام وثبت في اليونينية وآل ملك والناصرية هنا ما سبق لأبي ذر وهو قوله الشواظ لهب من نار.

(﴿مدهامتان﴾) قال مجاهد: (سوداوان من الري) والإدهام لغة السواد وشدة الخضرة، وقال ابن عباس خضروان.

(﴿صلصال﴾) أي (طين خلط برمل فصلصل كما يصلصل الفخار) أي صوّت كما يصوت الخزف إذا جف وضرب لقوّته (ويقال منتن) بضم الميم وكسر التاء (يريدون به صل) اللحم يصل بالكسر صلولًا أنتن (يقال صلصال كما يقال صر الباب عند الإغلاق وصرصر) يريد أن صلصال مضاعف كصرصر (مثل كبكبته يعني كببته) ومنه ﴿فكبكبوا فيها﴾ [الشعراء: ٩٤] أصله كبوا وفي هذا النوع وهو ما تكررت فاؤه وعينه خلاف فقيل وزنه فعفع كررت الفاء والعين ولا لام للكلمة قاله الفراء وغيره، وغلط لأن أقل الأصول ثلاثة فاء وعين ولام، وقيل وزنه فعفل، وقيل فعل بتشديد العين وأصله صلل، فلما اجتمع ثلاثة أمثال أبدل الثاني من جنس فاء الكلمة وهو مذهب كوفي وخص بعضهم هذا الخلاف بما إذا لم يختل المعنى بسقوط الثالث نحو لملم وكبكب فإنك تقول فيهما لم

وكب فلو لم يصح المعنى بسقوطه كسمسم قال فلا خلاف في أصالة الجميع وقوله صلصال الخ سقط لأبي ذر.

(﴿فاكهة ونخل ورمان﴾ قال) ولغير أبي ذر وقال (بعضهم): قيل هو الإمام أبو حنيفة وجماعة كالفراء (ليس الرمان والنخل بالفاكهة) لأن الشيء لا يعطف على نفسه إنما يعطف على غيره لأن العطف يقتضي المغايرة فلو حلف لا يأكل فاكهة فأكل رطبًا أو رمانًا لم يحنث، (وأما العرب فإنها تعدها فاكهة) وإنما أعاد ذكرهما لفضلهما على الفاكهة فإن ثمرة النخل فاكهة وغذاء وثمرة الرمان فاكهة ودواء فهو من ذكر الخاص بعد العام تفضيلًا له (كقوله ﷿: ﴿حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى﴾) [البقرة: ٢٣٨]. (فأمرهم بالمحافظة على كل الصلوات ثم أعاد العصر تشديدًا لها) أي تأكيدًا لتعظيمها (كما أعبد النخل والرمان) هنا (ومثلها) أي مثل فاكهة ونخل ورمان قوله تعالى: (﴿ألم تر أن الله يسجد له مَن في السماوات ومَن في الأرض﴾) [الحج: ١٨] (ثم قال: ﴿وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب﴾ وقد ذكرهم في أول) ولأبي ذر: وقد ذكرهم الله ﷿ في أول (قوله: ﴿من في السماوات ومن في الأرض﴾).

والحاصل أنه من عطف الخاص على العام واعترض بأنها نكرة في سياق الإثبات فلا عموم وأجيب: بأنها نكرة في سياق الامتنان فتعم أو ليس المراد بالعام والخاص ما اصطلح عليه في الأصول بل كل ما كان الأول فيه شاملًا للثاني. قال العلاّمة البدر الدماميني: متى اعتبر الشمول جاء الاستغراق وهو الذي اصطلح عليه في الأصول، ولعل المراد كل ما كان الأول صادقًا على الثاني سواء كان هنا استغراق أو لم يكن.

ثم هنا فائدة لا بأس بالتنبيه عليها وهي أن الشيخ أبا حيان نقل قولين في المعطوفات إذا اجتمعت هل كلها معطوفة على الأول أو كل واحد منها معطوف على ما قبله. فإن قلنا بالثاني لم يكن عطف الرمان على النخل من باب عطف الخاص على العام بل من عطف أحد

<<  <  ج: ص:  >  >>