ثم جئت فبايعته وعند مسلم أن أُم عطية قالت إلا آل فلان فإنهم كانوا أسعدوني في الجاهلية فلا بدّ لي من أن أسعدهم، فقال رسول الله ﷺ "إلا آل فلان" وحمله النووي على الترخيص لأم عطية في آل فلانة خاصة. قال: فلا تحل النياحة لغيرها ولا لها في غير آل فلان كما هو صريح الحديث. وللشارع أن يخص من العموم ما شاء انتهى.
وأورد عليه حديث ابن عباس عند ابن مردويه وفيه قال: لما أخذ رسول الله ﷺ على النساء فبايعهن أن لا يشركن بالله شيئًا الآية. قالت خولة بنت حكيم: يا رسول الله كان أبي وأخي ماتا في الجاهلية وإن فلانة أسعدتني وقد مات أخوها الحديث. وحديث أم سلمة وأسماء بنت يزيد الأنصارية عند الترمذي قالت: قلت: يا رسول الله إن بني فلان أسعدوني على عمي ولا بدّ لي من قضائهن فأبى قالت فراجعته مرارًا فأذن لي ثم لم أنح بعد ذلك.
وعند أحمد والطبري من طريق مصعب بن نوح قال أدركت عجوزًا لنا فيمن بايع رسول الله ﷺ قالت: فأخذ علينا ولا تَنُحْن فقالت عجوز: يا نبي الله إن ناسًا كانوا أسعدونا على مصائب أصابتنا وأنهم قد أصابتهم مصيبة فأنا أريد أن أسعدهم قال: اذهبي فكافئيهم قالت فانطلقت فكافأتهم ثم إنها أتت فبايعته وحينئذٍ فلا خصوصية لأُم عطية، والظاهر أن النياحة كانت مباحة ثم كرهت كراهة تنزيه ثم تحريم فيكون الإذن لمن ذكر وقع لبيان الجواز مع الكراهة ثم لما تمت مبايعة النساء وقع التحريم فورد حينئذٍ الوعيد الشديد.
وفي حديث أبي مالك الأشعري عند أبي يعلى أن رسول الله ﷺ قال: "النائحة إذا لم تُتب قبل موتها تُقام يوم القيامة عليها سربال من قطران ودرع من جرب".
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الأحكام.
٤٨٩٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ
الزُّبَيْرَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ﴾ قَالَ إِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ شَرَطَهُ اللَّهُ لِلنِّسَاءِ.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا وهب بن جرير) بفتح الجيم (حدّثنا أبي) جرير بن حازم الجهضمي (قال: سمعت الزبير) ابن خرّيت بكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء وبعد التحتية الساكنة فوقية البصري (عن عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس) ﵄ يقول (في قوله) تعالى: (﴿ولا يعصينك في معروف﴾) [الممتحنة: ١٢] (قال إنما هو) يعني النوح أو لا يخلون الرجل بالمرأة أو أعم (شرط شرطه الله للنساء) أي عليهن وهذا لا ينفي أن يكون شرطًا للرجال أيضًا فقد بايعهم في العقبة على ذلك لأن مفهوم اللقب لا اعتبار به.
٤٨٩٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَاهُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ ﵁ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: «أَتُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَسْرِقُوا»، وَقَرَأَ آيَةَ النِّسَاءِ وَأَكْثَرُ لَفْظِ سُفْيَانَ قَرَأَ الآيَةَ «فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللَّهُ، فَهْوَ إِلَى اللَّهِ: إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ» تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ.
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدثنا سفيان) بن عيينة (قال الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (حدّثناه) هو من تقديم الاسم على الفعل أي حدّثنا الزهري بالحديث الذي يريد أن يذكره (قال: حدّثني) بالإفراد (أبو إدريس) عائذ الله بالمعجمة الخولاني بفتح الخاء المعجمة أنه (سمع عبادة بن الصامت ﵁ قال: كنا عند النبي ﷺ فقال):
(أتبايعوني) ولأبي ذر أتبايعونني (على أن لا تشركوا بالله شيئًا ولا تزنوا ولا تسرقوا) فيه حذف المفعول ليدل على العموم (وقرأ آية النساء) ﴿يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئًا﴾ [الممتحنة: ١٢] الآية. وسقطت واو وقرأ لأبي ذر (وأكثر لفظ سفيان) بن عيينة (قرأ الآية) بدون لفظ النساء ولأبي ذر عن الكشميهني: قرأ في الآية والأولى أولى (فمن وفى) بالتخفيف (منكم) بأن ثبت على العهد (فأجره على الله) فضلًا منه عليه بأن يدخله الجنة (ومن أصاب من ذلك شيئًا) غير الشرك (فعوقب) زاد أحمد به أي بسببه في الدنيا بأن أقيم عليه الحد (فهو كفارة له) فلا يعاقب عليه في الآخرة كما عليه الأكثر لأن الحدود كفارات (ومن أصاب منها شيئًا من ذلك) مما يوجب الحد ولأبي ذر عن الكشميهني من ذلك شيئًا (فستره الله فهو) مفوّض (إلى الله إن شاء عذبه) عدلًا (وإن شاء غفر له) فضلًا ولأبي ذر غفر له منها (تابعه) أي تابع سفيان (عبد الرزاق) بن همام (عن معمر) هو ابن راشد عن الزهري وزاد أبو ذر عن المستملي في الآية ووصله مسلم عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق