السور أي آيات كل سورة كأن قالت له مثلًا سورة البقرة كذا وكذا آية، وهذا يؤيد أن السؤال وقع عن تفصيل آيات كل سورة وقد ذكر بعض الأئمة آيات السور مفردة كابن شيطا والجعبري وفي مجموعي لطائف الإشارات لفنون القراءات ما يكفي ويشفي.
٤٩٩٤ - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفِ وَمَرْيَمَ وَطَهَ وَالأَنْبِيَاءِ: إِنَّهُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي.
وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي إنه (قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد) ولأبي ذر زيادة ابن قيس أخا الأسود بن يزيد بن قيس (قال: سمعت ابن مسعود) -رضي الله عنه- (يقول في) شأن سورة (بني إسرائيل) وهي سورة الإسراء (و) في شأن سورة (الكهف و) شأن سورة (مريم و) شأن سورة (طه و) شأن سورة (الأنبياء) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي أو الأنبياء (أنهن) أي الخمسة (من العتاق الأول) بكسر العين، والعرب تجعل كل شيء بلغ الغاية في الجودة عتيقًا والأول بضم الهمزة وفتح الواو المخففة والأولية باعتبار نزولهن (وهن من تلادي) بكسر الفوقية وتخفيف اللام
وبعد الألف دال مهملة أي مما نزل قديمًا ومع ذلك فهنّ مؤخرات في ترتيب المصحف العثماني وهذا الحديث مرّ في التفسير.
٤٩٩٥ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ -رضي الله عنه- قَالَ: تَعَلَّمْتُ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ} [الأعلى: ١] قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: (أنبأنا) من الإنباء (أبو إسحاق) عمرو السبيعي أنه (سمع البراء -رضي الله عنه-) زاد الأصيلي ابن عازب (قال: تعلمت) سورة ({سبح اسم ربك}) زاد الأصيلي وأبو الوقت {الأعلى} (قبل أن يقدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي المدينة فهي من أوائل ما نزل ومع ذلك فهي متأخرة في المصحف فالتأليف يكون بالتقديم والتأخير.
وهذا الحديث سبق في التفسير أيضًا.
٤٩٩٦ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ: قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ: قَدْ عَلِمْتُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَؤُهُنَّ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ وَدَخَلَ مَعَهُ عَلْقَمَةُ، وَخَرَجَ عَلْقَمَةُ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: عِشْرُونَ سُورَةً مِنْ أَوَّلِ الْمُفَصَّلِ عَلَى تَأْلِيفِ ابْنِ مَسْعُودٍ آخِرُهُنَّ الْحَوَامِيمُ.
وبه قال: (حدّثنا عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان المروزي (عن أبي حمزة) بالحاء المهملة والزاي محمد بن ميمون السكري المروزي (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن شقيق) أبي وائل بن سلمة أنه (قال: قال عبد الله) بن مسعود (قد علمت) وللأصيلي وابن عساكر لقد تعلمت (النظائر) أي السور المتماثلة في المعاني كالموعظة أو الحكم أو القصص أو السور المتقاربة في الطول أو القصر (التي كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرؤهن اثنين اثنين في كل ركعة) ولأبي ذر عن الكشميهني إسقاط لفظ كل وفي نسخة اثنين كل ركعة بإسقاط الجار (فقام عبد الله) يعني ابن مسعود من مجلسه ودخل بيته (ودخل معه علقمة) بن قيس النخعي (وخرج علقمة) المذكور (فسألناه) عنها (فقال: عشرون سورة من أول المفصل على تأليف) مصحف (ابن مسعود آخرهن الحواميم) ولأبي ذر من الحواميم حم الدخان وعمّ يتساءلون، ولابن خزيمة من طريق أبي خالد الأحمر عن الأعمش مثل هذا الحديث وزاد قال الأعمش: أولهن الرحمن وآخرهن الدخان وذكر الدخان في المفصل تجوّز لأنها ليست منه، نعم يصح على أحد الأقوال في حدّ المفصل وقد مر في باب الجمع بين السورتين في ركعة من كتاب الصلاة سرد السور العشرين فيما أخرجه أبو داود وفي الحديث دليل على أن تأليف مصحف ابن مسعود على غير التأليف العثماني ولم يكن على ترتيب النزول.
وقيل: إن مصحف علي بن أبي طالب كان على ترتيب النزول أوّله اقرأ ثم المدثر ثم ن والقلم وهكذا إلى آخر المكي ثم المدني وهل ترتيب المصحف العثماني كان باجتهاد من الصحابة أو
توقيفيًّا، فذهب إلى الأول الجمهور ومنهم القاضي أبو بكر بن الطيب فيما اعتمده واستقر عليه رأيه من قوله وأنه فوّض ذلك إلى أمته بعده وذهبت طائفة إلى الثاني، والخلاف لفظي لأن القائل بالأول يقول إنه رمز إليهم ذلك لعلمهم بأسباب نزوله ومواقع كلماته، ولذلك قال الإمام مالك: وإنما ألفوا القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وهناك قول ثالث وهو أن كثيرًا من السور قد كان علم ترتيبه في حياته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كالسبع الطوال والحواميم والمفصل وكقوله اقرؤوا الزهراوين البقرة وآل عمران وإلى هذا مال ابن عطية،