والله لقد أخذت من في) أي من فم (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بضعًا) بكسر الموحدة وسكون المعجمة ما بين الثلث إلى التسع (وسبعين سورة) بالموحدة بعد السين وزاد عاصم عن زر عن عبد الله وأخذت بقية القرآن عن أصحابه ولم أقف على تعيين السور المذكورة، وإنما قال ابن مسعود ذلك لما أمر بالمصاحف أن تُغَيَّر وتُكتَب على المصحف العثماني وساءه ذلك وقال: أفأترك ما أخذت من في رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رواه أحمد وابن أبي داود من طريق الثوري وإسرائيل وغيرهما عن أبي إسحاق عن خمير بمعجمة مصغرًا ابن مالك (والله لقد علم أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أني من أعلمهم بكتاب الله) ووقع عند النساني من طريق عبدة وابن أبي داود من طريق أبي شهاب كلاهما عن الأعمش عن أبي وائل أني أعلمهم بإسقاط من (وما أنا بخيرهم) إذ لا يلزم من زيادة الفضل في صفة من صفاته الأفضلية المطلقة والأعلمية بكتاب الله لا تستلزم الأعلمية المطلقة ولا ريب أن العشرة المبشرة أفضل اتفاقًا.
(وقال شقيق) أبو وائل بالسند المذكور (فجلست في الحلق) بكسر الحاء المهملة وفتح اللام في الفرع وضبطه في الفتح بفتحهما (أسمع ما يقولون) في قول ابن مسعود هذا (فما سمعت
رادًّا) بتشديد الدال أي عالمًا (يقول غير ذلك) مما يخالف قول ابن مسعود، وأما قول الزهري فيما أخرجه ابن أبي داود فبلغني أن ذلك كرهه من قول ابن مسعود رجال من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإنه محمول على أن الذين كرهوا ذلك من غير الصحابة الذين شاهدهم شقيق بالكوفة.
٥٠٠١ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كُنَّا بِحِمْصَ فَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ سُورَةَ يُوسُفَ فَقَالَ رَجُلٌ: مَا هَكَذَا أُنْزِلَتْ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَحْسَنْتَ". وَوَجَدَ مِنْهُ رِيحَ الْخَمْرِ، فَقَالَ: "أَتَجْمَعُ أَنْ تُكَذِّبَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَتَشْرَبَ الْخَمْرَ". فَضَرَبَهُ الْحَدَّ.
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد (محمد بن كثير) أبو عبد الله العبدي البصري قال: (أخبرنا سفيان) الثوري (عن الأعمش) سليمان الكوفي (عن إبراهيم) النخعي (عن علقمة) بن قيس النخعي أنه (قال: كنا بحمص) بلدة من بلاد الشام مشهورة (فقرأ ابن مسعود) عبد الله (سورة يوسف فقال رجل) لم يعرف الحافظ ابن حجر اسمه نعم قال: قيل إنه نهيك بن سنان (ما هكذا أنزلت قال) أي ابن مسعود ولأبي ذر فقال: (قرأت) كذا (على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: أحسنت ووجد) ابن مسعود (منه) من الرجل (ريح الخمر فقال) له: (أتجمع أن تكذب بكتاب الله وتشرب الخمر، فضربه الحدّ) أي رفعه إلى الولاية فضربه وأسند الضرب إليه مجازًا لكونه كان سببًا فيه والمنقول عنه أنه كان يرى وجوب الحد بمجرد وجود الرائحة أو أن الرجل اعترف بشربها بلا عذر، لكن وقع عند الإسماعيلي أثر هذا الحديث النقل عن علي أنه أنكر على ابن مسعود جلده الرجل بالرائحة وحدها إذ لم يقرّ أو لم يشهد له.
ومبحث ذلك يأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الحدود بعون الله وفضله وإنما أنكر الرجل كيفية الإنزال جهلًا منه لا أصل النزول وإلاّ لكفر إذ الإجماع قائم على أن من جحد حرفًا مجمعًا عليه فهو كافر.
٥٠٠٢ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ -رضي الله عنه- وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَاّ أَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ أُنْزِلَتْ، وَلَا أُنْزِلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَاّ أَنَا أَعْلَمُ فِيمَ أُنْزِلَتْ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنِّي بِكِتَابِ اللَّهِ تُبَلِّغُهُ الإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ.
وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص) قال: (حدّثنا أبي) حفص بن غياث قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان قال: (حدّثنا مسلم) أبو الضحى بن صبيح لا غيره (عن مسروق) هو ابن الأجدع أنه (قال: قال عبد الله) بن مسعود (رضي الله عنه -: والله الذي لا إله غيره) وسقطت الجلالة لأبي ذر (ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت) بمكة أو بالمدينة أو غيرهما (ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيمَ أنزلت) بغير ألف بعد الميم ولأبي ذر عن الكشميهني
فيما بإثبات الألف وله عن الحموي والمستملي فيمن بالنون بدل الألف (ولو أعلم أحدًا أعلم مني بكتاب الله تبلغه) بسكون الموحدة وضم اللام والذي في اليونينية فتح الموحدة وتشديد اللام مكسورة ولأبي ذر عن الكشميهني والحموي تبلغنيه بفتح الموحدة وكسر اللام مشدّدة وزيادة نون بعد الغين فتحتية ساكنة (الإبل لركبت إليه) للأخذ عنه ولأبي عبيد من طريق ابن سيرين نُبِّئت أن ابن مسعود قال: لو علمت أحدًا تبلغنيه الإبل أحدث عهدًا بالعرضة