من فضله}) [النور: ٣٢] فالإعسار في الحال لا يمنع التزوّج لاحتمال حصول المال في المآل وعن علي بن أبي طلب عن ابن عباس أنه قال: رغبهم الله تعالى في التزويج وأمر به الأحرار والعبيد يعني في قوله تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم} ووعدهم عليه الغنى فقال: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}، وعن سعيد بن عبد العزيز قال: بلغني أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى قال: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} رواه ابن أبي حاتم، وعن ابن مسعود أنه قال: التمسوا الرزق في النكاح بقول الله: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} رواه ابن جرير وذكر البغوي عن ابن عمر نحوه، وفي حديث أبي هريرة عند أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة
قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ثلاثة حق على الله عونهم الناكح" يريد العفاف الحديث، وقال في مصابيح الجامع: وظاهر الآية وعد كل فقير تزوّج بالغنى ووعد الله واجب، فإذا رأينا فقيرًا تزوج ولم يستغن فليس ذلك لإخلاف الوعد حاش لله ولكن لإخلاله هو بالقصد لأن الله تعالى إنما وعد على حسن القصد فمن لم يستغن فليرجع باللوم على نفسه. وقال ابن كثير والمعهود من كرم الله ولطفه رزقه وإياها بما فيه كفاية له ولها، وأما حديث تزوّجوا فقراء يغنكم الله فلا أصل له ولم أره بإسناد قوي ولا ضعيف وفي القرآن غنية عنه.
وبه قال:(حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه) أبي حازم سلمة بن دينار (عن سهل بن سعد الساعدي) أنه (قال: جاءت امرأة) قال في المقدمة: يقال إنها خولة بنت حكيم، وقيل أم شريك ولا يثبت شيء من ذلك (إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقالت: يا رسول الله جئت أهب لك نفسي) أي أكون لك زوجة بلا مهر وهو من الخصائص أو التقدير وهبت أمر نفسي لك فاللام لام التمليك استعملت هنا في تمليك المنافع (قال: فنظر إليها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فصعّد النظر) بتشديد العين أي رفعه (فيها وصوّبه) بتشديد الواو أي خفضه (ثم طأطأ رسول الله) ولأبي ذر عن الكشميهني ثم طأطأ لها رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأسه فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئًا جلست فقام رجل من أصحابه) لم يسم (فقال: يا رسول الله إن لم يكن لك بها) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فيها (حاجة فزوجنيها فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- له:
(وهل عندك من شيء) تصدقها إياه (قال: لا والله يا رسول الله. فقال: اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئًا، فذهب ثم رجع فقال: لا والله ما وجدت شيئًا. فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: انظر
ولو) كان الذي تجده (خاتمًا من حديد) فأصدقها إياه ففيه حذف كان واسمها وجواب لو وفيه دلالة على جواز التختم بالحديد وفيه خلاف فقيل يكره لأنه من لباس أهل النار والأصح عند الشافعية لا يكره (فذهب) إلى أهله (ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتمًا من حديد، ولكن هذا إزاري. قال سهل) الساعدي مما أدرجه في الحديث (ما له رداء فلها نصفه فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ما تصنع) أي المرأة (بإزارك إن لبسته) أنت (لم يكن عليها من شيء وإن لبسته) هي (لم يكن عليك شيء) وللأصيلي وأبوي الوقت وذر عن الحموي والمستملي: لم يكن عليك منه شيء (فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه) بكسر اللام (قام فرآه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- موليًا) مدبرًا (فأمر به فدعي) بضم الدال وكسر العين (فلما جاء قال) له: (ماذا معك من القرآن؟ قال: معي سورة كذا وسورة كذا عدّدها) عين النسائي في روايته وكذا أبو داود من حديث عطاء عن أبي هريرة البقرة أو التي تليها وفي الدارقطني عن ابن مسعود البقرة وسور من المفصل، ولتمام الرازي عن أبي أمامة قال: زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجلًا من الأنصار على سبع سور (فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (تقرؤهن عن ظهر قلبك) أي من حفظك (قال: نعم. قال: اذهب