عنده جاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو فقالت يا رسول الله إن في وجه أبي حذيفة من دخول سالم وهو حليفه فقال: أرضعيه. قالت: وكيف أرضعه وهو رجل كبير؟ فتبسم رسول الله ﷺ وقال: "قد علمت أنه رجل كبير" وفي لفظ فقالت: إن سالمًا قد بلغ ما يبلغ الرجال وإنه يدخل علينا وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة شيئًا من ذلك فقال: أرضعيه تحرمي عليه فرجعت إليه فقالت: إني قد أرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة وهذا مختص بسهلة وسالم أو منسوخ، والجمهور على خلافه كما يأتي إن شاء الله تعالى بعون الله وقوّته في أبواب الرضاع.
ومطابقة الحديث للترجمة من تزويج أبي حذيفة سالمًا الذي تبناه وهو مولى لامرأة من الأنصار بنت أخيه هند ولم يعتبر فيه الكفاءة إلا في الدين، والحديث أخرجه النسائي أيضًا في النكاح.
٥٠٨٩ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهَا: «لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الْحَجَّ»؟ قَالَتْ: وَاللَّهِ لَا أَجِدُنِي إِلاَّ وَجِعَةً، فَقَالَ لَهَا: «حُجِّي وَاشْتَرِطِي، قُولِي اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي»، وَكَانَتْ تَحْتَ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ.
وبه قال: (حدّثنا عبيد بن إسماعيل) اسمه عبد الله أبو محمد الهباري القرشي الكوفي قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة) ﵂ أنها (قالت: دخل رسول الله ﷺ على ضباعة) بضم الضاد المعجمة وفتح الموحدة المخففة (بنت الزبير) بن عبد المطلب الهاشمية بنت عم النبي ﷺ (فقال لها):
(لعلك أردت الحج؟ قالت: والله لا). ولأبي ذر: ما (أجدني) أي ما أجد نفسي (إلا وجعة)
واتحاد الفاعل والمفعول مع كونهما ضميرين لشيء واحد من خصائص أفعال القلوب وقوله وجعة بفتح الواو وكسر الجيم أي ذات مرض (فقال) ﷺ (لها: حجي واشترطي) أنك حيث عجزت عن الإتيان بالمناسك واحتبست عنها بحسب قوّة المرض تحللت (قولي) ولأبي ذر وقولي (اللهم محلي) بفتح الميم وكسر الحاء، ولأبي ذر بفتحها أي مكان تحللي من الإحرام (حيث حبستني) فيه عن النسك بعلة المرض.
ومباحث ذلك سبقت في الحج في أبواب المحصر (وكانت) ضباعة (تحت المقداد بن الأسود) هو ابن عمرو بن ثعلبة بن مالك الكندي ونسب إلى الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة لكونه تبناه فكان من حلفاء قريش، وتزوّج ضباعة وهي هاشمية ففيه أن النسب لا يعتبر في الكفاءة وإلاّ لما جاز له أن يتزوّجها لأنها فوقه في النسب. وأجيب: باحتمال أنها وأولياءها أسقطوا حقهم من الكفاءة.
٥٠٩٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ».
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن عبيد الله) بضم العين ابن عمر العمري أنه (قال: حدّثني) بالإفراد (سعيد بن أبي سعيد) كيسان (عن أبيه عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(تنكح المرأة) بضم التاء وفتح الكاف مبنيًّا للمفعول والمرأة رفع به (لأربع) من الخصال (لمالها) بدل من السابق بإعادة العامل لأنها إذا كانت ذات مال قد لا تكلفه في الإنفاق وغيره فوق طاقته، وقول المهلب إن في الحديث دليلًا على أن للزوج الاستمتاع بمال زوجته فإن طابت نفسها بذلك حل له وإلاّ فله من ذلك قدر ما بذل لها من الصداق تعقب بأنه ليس في الحديث ما ذكره من التفصيل ولم ينحصر قصده في الاستمتاع بمالها فقد يقصد ترجي حصول ولد منها فيعود إليه مالها بالإرث أو أن تستغني عنه بمالها عن مطالبته بما يحتاج إليه غيرها من النساء كما مر وأما استدلال بعض المالكية به على أن للرجل أن يحجر على زوجته في مالها معلّلًا بأنه إنما تزوجها لمالها فليس لها تفويته ففيه نظر لا يخفى (و) تنكح المرأة أيضًا (لحسبها) بإعادة الجار أيضًا وفتح الحاء والسين المهملتين ثم موحدة أي لشرفها والحسب في الأصل الشرف بالآباء وبالأقارب مأخوذ من الحساب لأنهم كانوا إذا تفاخروا عدّوا مناقبهم ومآثر آبائهم وقومهم وحسبوها فيحكم لمن زاد عدده على غيره وقد قال أكثم بالمثلثة ابن صيفي: يا بني تميم لا يغلبنكم جمال النساء على صراحة الحسب فإن المناكح الكريمة مدرجة للشرف. وقال بكير الأسدي: