وفي غزوة خيبر من كتاب المغازي نهى رسول الله ﷺ يوم خيبر عن متعة النساء وعن لحوم الحمر الأهلية لكن قال البيهقي فيما قرأته في كتاب المعرفة: وكان ابن عيينة يزعم أن تاريخ خيبر في حديث علي إنما هو في النهي عن لحوم الحمر الأهلية لا في نكاح المتعة. قال البيهقي: وهو يشبه أن يكون كما قال فقد روي عن النبي ﷺ أنه رخص فيه بعد ذلك ثم نهى عنه فيكون احتجاج علي بنهيه آخرًا حتى تقوم به الحجة على ابن عباس، وقال السهيلي: النهي عن نكاح المتعة يوم خيبر شيء لا يعرفه أحد من أهل السير ولا رواة الأثر فالذي يظهر أنه وقع تقديم وتأخير في لفظ الزهري انتهى.
واتفق أصحاب الزهري كلهم على خيبر بالخاء المعجمة والراء آخره إلا ما رواه عبد الوهاب الثقفي عن يحيى بن سعيد عن مالك في هذا الحديث، فقال حنين بالحاء المهملة والنونين أخرجه النسائي والدارقطني وقالا إنه وهم تفرّد به، وقد اختلف في وقت تحريم نكاح المتعة والذي تحصل من ذلك أن أولها خيبر ثم عمرة القضاء كما رواه عبد الرزاق من مرسل الحسن البصري ومراسيله ضعيفة لأنه كان يأخذ عن كل أحد ثم الفتح كما في مسلم بلفظ: إنها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة ثم أوطاس كما في مسلم بلفظ رخص لنا رسول الله ﷺ عام أوطاس في المتعة ثلاثًا ثم نهى عنها، لكن يحتمل أنه أطلق على عام الفتح عام أوطاس لتقاربهما لكن يبعد أن يقع الإذن في غزوة أوطاس بعد أن يقع التصريح قبلها في الفتح بأنها حرمت إلى يوم القيامة ثم تبوك فيما أخرجه إسحاق بن راهويه وابن حبان من طريقه من حديث أبي هريرة وهو ضعيف لأنه من رواية المؤمل بن إسماعيل عن عكرمة عن عمار وفي كلٍّ منهما مقال، وعلى تقدير صحته فليس فيه أنهم استمتعوا في تلك الحالة أو كان النهي قديمًا فلم يبلغ بعضهم فاستمر على الرخصة ولذلك قرن ﷺ النهي بالغضب كما في رواية الحازمي من حديث جابر لتقدم النهي عنه ثم حجة الوداع كما عند أبي داود بلفظ لكن اختلف فيه علي الربيع بن سبرة والرواية عنه بأنها في الفتح أصح وأشهر فإن كان حفظه فليس في سياق أبي داود سوى مجرد النهي، فلعله ﷺ أراد إعادة النهي ليسمعه من لم يسمعه قبل ويقوّيه أنهم كانوا حجوا بنسائهم بعد أن وسع الله عليهم بفتح خيبر من
المال والسبي فلم يكونوا في شدة ولا طول عزوبة فلم يبق صحيح صريح سوى خيبر والفتح مع ما وقع في خيبر من الكلام، وأيّده ابن القيم في الهدي بأن الصحابة لم يكونوا يستمتعون باليهوديات. وقال النووي: الصواب والمختار أن التحريم والإباحة كانا مرتين فكانت حلالًا قبل خيبر ثم حرمت يوم خيبر ثم أبيحت يوم الفتح وهو يوم أوطاس لاتصالها بها ثم حرمت يومئذٍ بعد ثلاثة أيام تحريمًا مؤبدًا إلى يوم القيامة.
وبه قال:(حدّثنا محمد بن بشار) بندار العبدي قال: (حدّثنا غندر) محمد بن جعفر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي جمرة) بالجيم والراء نصر بن عمران الضبعي البصري أنه (قال: سمعت ابن عباس)﵄(سئل) بضم السين ولأبي ذر يسأل بتحتية مضمومة بلفظ المضارع مبنيًّا للمفعول فيهما (عن متعة النساء فرخص) فيها (فقال له مولى له): قيل: إنه عكرمة (إنما ذلك) الترخيص (في الحال الشديد) من قوّة الشهوة والعزوبة (وفي النساء قلة). وعند الإسماعيلي إنما كان ذلك في الجهاد والنساء قلائل (أو) قال: (نحوه فقال ابن عباس: نعم) أي صدق إنما رخص فيها بسبب العزوبة في حال السفر.
وبه قال:(حدّثنا علي) هو ابن عبد الله المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال عمرو): بفتح العين ابن دينار (عن الحسن بن محمد) أي ابن علي بن أبي طالب (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري (وسلمة بن الأكوع)﵃ أنهما (قالا: كنا في جيش) بالجيم المفتوحة والتحتية الساكنة بعدها معجمة (فأتانا رسول رسول الله