للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عائشة الذي ترجم عليه البخاري الرؤيا قبل الخطبة أريتك ثلاث ليال.

وقال ابن المنير: الاستشهاد بنظره عليه الصلاة والسلام إلى عائشة قبل تزوجها لا يستثبت لوجهين. أحدهما: أن عائشة كانت حين الخطبة ممن ينظر إليها لطفوليتها إذ كانت بنت خمس سنين وشيء ومثل هذا السن لا عورة فيه البتة، والثاني: أن رؤيته لها كانت منامًا أتاه بها

جبريل عليه السلام في سرقة من حرير أي تمثالها وحكم المنام غير حكم اليقظة انتهى.

وتعقبه فى المصابيح فقال: فيه نظر فتأمله انتهى.

ووجه النظر أن رؤيته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في النوم كاليقظة فإن رؤيا الأنبياء وحي.

وقد سبق الحديث والجواب عن قوله: إن يك من عند الله يمضه في أوائل النكاح في باب نكاح الأبكار.

٥١٢٦ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْتُ لأَهَبَ لَكَ نَفْسِي فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ. فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا. فَقَالَ: «وَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ»؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا». فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا وَجَدْتُ شَيْئًا. قَالَ: «انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي قَالَ: سَهْلٌ: مَا لَهُ رِدَاءٌ فَلَهَا نِصْفُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَيْءٌ». فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى طَالَ مَجْلَسُهُ، ثُمَّ قَامَ فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُوَلِّيًا فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: «مَاذَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ»؟ قَالَ: مَعِي سُورَةَ كَذَا وَسُورَةَ كَذَا وَسُورَةَ كَذَا، عَدَّدَهَا، قَالَ: «أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ». قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ».

وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا يعقوب) بن عبد الرحمن (عن أبي حازم) سلمة بن دينار (عن سهل بن سعد) بسكون الهاء والعين (أن امرأة جاءت رسول الله) ولأبي ذر إلى رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالت: يا رسول الله جئت لأهب لك نفسي) أي أن تتزوجني بلا مهر وقد عدّ هذا من خصائصه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فنظر إليها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فصعد النظر) بتشديد بالعين أي رفعه (إليها وصوّبه) بتشديد الواو خفضه (ثم طأطأ رأسه فلما رأت المرأة أنه) عليه الصلاة والسلام (لم يقضِ فيها شيئًا جلست. فقام رجل من أصحابه فقال: أي رسول الله إن لم تكن) بالفوقية (لك بها حاجة فزوّجنيها) لم يقل هبنيها لما ذكر أن ذلك من خصائصه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المراد حقيقة الهبة لأن الحرّ لا يملك نفسه (فقال) عليه الصلاة والسلام له:

(وهل عندك من شيء) تصدقها (قال: لا والله يا رسول الله قال: اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئًا؟ فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله ما وجدت شيئًا قال: انظر ولو) كان الذي تجده (خاتمًا من حديد) فأصدقها إياه فإنه سائغ (فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله ولا)

وجدت (خاتمًا من حديد) ولأبي ذر ولا خاتم بالرفع أي ولا حضر خاتم من حديد (ولكن هذا إزاري قال سهل: ماله رداء فلها نصفه) صداقًا (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ما تصنع)؟ هي (بإزارك إن لبسته)؟ أنت (لم يكن عليها منه شيء، وإن لبسته) هي (لم يكن عليك شيء) وللكشميهني منه شيء (فجلس الرجل حتى طال مجلسه) بفتح اللام مصححًا عليها في الفرع كأصله (ثم قام فرآه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- موليًا فأمر به فدعي فلما جاء قال) له: (ماذا معك من القرآن؟ قال: سورة كذا وسورة كذا وسورة كذا) ثلاث مرات. ونصب سورة في الثلاث في اليونينية وفرعها فقط وبالرفع أيضًا في غيرهما (عدّدها) ولأبي ذر عادّها بألف بعد العين فدال مشدّدة فهاء وسبق تعيينها (قال: أتقرؤهن عن ظهر قلبك) أي من حفظك (قال: نعم. قال: اذهب فقد ملّكتكها بما معك من القرآن) وفي رواية الأكثرين زوّجتكها بدل ملّكتكها وقال في المصابيح: الباء للسببية فيكون هذا نكاح تفويض انتهى.

والتفويض ضربان تفويض مهر بأن تقول المرأة للولي زوّجنيه بما شاء أو بما شئت وتفويض بضع وهو أن تقول زوّجنيه بلا مهر فزوّجها نافيًا للمهر وساكتًا عنه وجب لها مهر المثل بالوطء لأن الوطء لا يُباح بالإباحة لما فيه من حق الله تعالى أو بموت أحدهما قبل الوطء والفرض لأنه كالوطء في تقرير المسمى، فكذا في إيجاب مهر المثل في التفويض، ولأن بروع بنت واشق نكحت بلا مهر، فمات زوجها قبل أن يفرض لها فقضى لها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمهر نسائها وبالميراث. رواه أبو داود. وقال الترمذي: حسن صحيح. وقال المالكية: تستحق المفوّضة الصداق بالوطء لا بالعقد ولا بالموت أو الطلاق سواء مات هو أو هي وهو المشهور إلا أن يفرض وترضى فيشطر المفروض بالطلاق قبل البناء. قال ابن عبد السلام: وهو ظاهر أن فرض صداق المثل أو دونه ورضيت به، وقال الحنابلة: بالعقد. وسقط قوله: فلما رأت المرأة الخ للحموي، وقال: بعد قوله ثم طأطأ

<<  <  ج: ص:  >  >>