إحداهن قنطارًا﴾) قال في الكشاف: هو المال العظيم من قنطرت الشيء إذا رفعته (﴿فلا تأخذوا منه شيئًا﴾)[النساء: ٢٠] وقد روي أن عمر قال خطيبًا فقال: أيها الناس لا تغالوا بصداق النساء فلو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله ﷺ ما أصدق امرأة من نسائه أكثر من اثنتي عشرة أوقية فقامت إليه امرأة فقالت: يا أمير المؤمنين لِمَ تمنعنا حقًّا جعله الله لنا والله يقول: ﴿وآتيتم إحداهن قنطارًا﴾ فقال عمر: كل أحد أعلم من عمر ثم قال لأصحابه: تسمعونني أقول مثل هذا فلا تنكرونه عليّ حتى ترده عليّ امرأة ليست من أعلم النساء. ذكره الزمخشري ورواه عبد الرزاق من طريق عبد الرحمن السلمي بلفظ قال عمر: لا تغالوا في مهور النساء فقالت امرأة: ليس ذلك لك يا عمر إن الله تعالى يقول: ﴿وآتيتم إحداهن قنطارًا﴾ من ذهب قال: وكذلك هو في قراءة ابن مسعود فقال عمر: امرأة خاصمت عمر فخصمته (وقوله جل ذكره: ﴿أو تفرضوا لهن﴾)[البقرة: ٢٣٦] وزاد أبو ذر: فريضة.
(وقال سهل: قال النبي ﷺ): في قصة الواهبة لمريد تزويجها التمس (ولو خاتمًا من حديد) والآية الأولى دالة لأكثر الصداق والحديث لأدناه وهل يتقدر أدناه أم لا. فمذهب الشافعية والحنابلة أدنى متموّل لقوله ﷺ:"التمس ولو خاتمًا من حديد" والضابط كل ما جاز أن يكون ثمنًا
وعند الحنفية عشرة دراهم، والمالكية ربع دينار فيستحب عند الشافعية والحنابلة أن لا ينقص عن عشرة دراهم خروجًا من خلاف أبي حنيفة وأن لا يزيد على خمسمائة درهم كأصدقة بنات النبي ﷺ وزوجاته، وأما إصداق أم حبيبة أربعمائة دينار فكان من النجاشي إكرامًا له ﷺ ويستحب أن يذكر المهر في العقد لأنه ﷺ لم يخل نكاحًا عنه ولأنه أدفع للخصومة وعلم من استحباب ذكره في العقد جواز إخلاء النكاح عن ذكره للصداق أسماء ثمانية مشهورة جمعت في قوله:
صداق ومهر نحلة وفريضة … حباء وأجر ثم عقر علائق
وقيل: الصداق ما وجب بتسمية في العقد والمهر ما وجب بغير ذلك، وسمي صداقًا لإشعاره بصدق رغبة باذله في النكاح، وفي حديث أبي داود أدّوا العلائق. قيل: وما العلائق؟ قال: ما تراضى عليه الأهلون. وقال ابن الأثير: واحد العلائق علاقة بكسر العين المهر لأنهم يتعلقون به على الزوج، والعقر بضم العين وسكون القاف لغة أصل الشيء ومكانه فكأن المهر أصل في تملك عصمة الزوجة والحباء بكسر الحاء المهملة بعدها موحدة العطية، وفي الشرع الصداق هو ما وجب النكاح أو وطء أو تفويت بضع قهرًا كرضاع ورجوع شهود.
وبه قال:(حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عبد العزيز بن صهيب) بضم الصاد وفتح الهاء (عن أنس)﵁(أن عبد الرحمن بن عوف تزوج امرأة) هي بنت الحيسر أنس بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل كما جزم به الزبير بن بكار أو غيرها مما سيأتي إن شاء الله تعالى (على وزن نواة فرأى النبي ﷺ بشاشة) بفتح الموحدة والمعجمتين بينهما ألف أي فرح (العرس) وللأربعة العروس بالجمع ولأبي ذر عن الكشميهني شيئًا شبيه العرس قال ابن قرقول: وهو تصحيف (فسأله)ﷺ(فقال: إني تزوجت امرأة على وزن نواة. وعن قتادة) بن دعامة عطف على قوله عن عبد العزيز وهو من رواية شعبة عنهما (عن أنس أن عبد الرحمن بن عوف تزوج امرأة على وزن نواة من ذهب) فزاد من ذهب، واختلف في المراد بالنواة فقيل: واحدة نوى التمر كما يوزن بنوى الخروب وأن القيمة عنها يومئذ خمسة دراهم، وقيل: ربع دينار وضعف بأن نوى التمر يختلف في الوزن، فكيف يجعل معيارًا أو أن لفظ النواة من الذهب خمسة دراهم من الورق، وجزم به الخطابي ويشهد له رواية البيهقي عن قتادة وزن نواة من ذهب قوّمت خمسة دراهم